ثالثا : يجعل الكلام في المصيبة بأبناء النبوة بابا من أبواب الأدب ؛ فينقل هذه التعابير : قد نعي سليل من سلالة النبوة ، وفرع من شجرة الرسالة ، وعضو من أعضاء الرسول ، وجزء من أجزاء الوصىّ والبتول . تجدّد في بيت الرسالة رزء جدد المصائب ، واستعاد النوائب . إنها لمصيبة تحيّفت جانب الوحي المنزل ، وذكَّرت بموت النبي المرسل . إلخ إلخ : ويتصل بهذا عنايته بأوصاف الأشراف ، كنقله هذه العبارات : « استقى عرقه من منبع النبوة ، ورضعت شجرته من ثدي الرسالة ، وتهدّلت أغصانه عن نبعة الإمامة ، وتبحبحت أطرافه في عرصة الشرف والسيادة ، وتفقّأت بيضته من سلالة الطهارة ، قد جذب القرآن بضبعه ، وشقّ الوحي عن بصره وسمعه » إلخ . وهذا الاتجاه يدل على وجهة سياسية خاصة ، فصّلتها بعض التفصيل في كتاب « الأخلاق عند الغزالي » وإلَّا فإن النبي يقول : « من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه » بل اللَّه يقول : * ( فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ ) * . رابعا : يبدىء الحصري ويعيد في الكلام عن البلاغة والبلغاء ، والشعر والشعراء ، والإنشاء والمنشئين ، وكذلك كان أهل عصره يهتمون بدر النثر والشعر ، ونحن مدينون لهم بما يتصل بهذا الباب من المعارف الأدبية . خامسا : يذكر كثيرا من الآداب الاجتماعية التي كان يحمدها الناس لعهده ، فيذكر ما يجمل في معاملة الملوك ، ويتحدث عن فضل الليل ، والحرص على الأدب ، وواجب النّسّاخ ، وما إلى ذلك مما يتصل بما على المرء من الواجبات ، وما له من الحقوق .