[ عود إلى ملح أبى العيناء ] وذكر أبو العيناء رجلا ، فقال : ضحك كالبكاء ، وتودّد كالعزاء ، ونوادر كندب الموتى ! وكان يهاتر ابن مكرم كثيرا ، وكتب إليه ابن مكرم يوما : قد ابتعت لك غلاما من بنى ناشر ، ثم من بنى ناعظ ، ثم من بنى نهد . فكتب إليه : فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين . وولد لأبى العيناء ولد ، فأتى ابن مكرم فسلم عليه ، ووضع حجرا بين يديه وانصرف ، فأحس به ، فقال : من وضع هذا ؟ فقيل : ابن مكرم ، قال : لعنه اللَّه ! إنما عرّض بقول النبي صلى اللَّه عليه وسلم : الولد للفراش وللعاهر الحجر . وقال لابن مكرم ، وقد قدم من سفر : مالك لم تهد إلينا هدية ؟ قال : لم آت بشئ ، وإنما قدمت في خف . قال : لو قدمت في خف لخلَّفت روحك ! وأتى إلى باب إبراهيم بن رياح ، فحجب ، فقال : إذا شغل بكأس يمناه وبحر يسراه ، وانتسب إلى أب لا يعرف أباه ، لا يحفل بحجاب من أتاه . وقدّم إليه أبو عيسى بن المتوكل سكباحة ، فجعل لا تقع يده إلا على عظم ؛ فقال : جعلت فداك ! هذه قدر أو قبر ؟ . ودعا ضريرا ليعشيه ، فلم يدع شيئا إلَّا أكله ، فقال : يا هذا ، دعوتك رحمة فتركتنى رحمة . قد تم - بحول اللَّه وقوته ، وحسن معونته - الجزء الأول من كتاب « زهر الآداب ، وثمر الألباب » لأبن إسحاق الحصري ، ويليه - إن شاء اللَّه تعالى - الجزء الثاني ، مفتتحا بقول المصنف « ألفاظ لأهل العصر في صفات الطعام ومقدماته ، وموائده وآلاته » نسأل اللَّه - جلت قدرته ! - أن يعين على إكماله ، إنه ولى ذلك . < / لغة النص = عربي >