فقال : كلام حكمة خرج من قلب خراب ! وأخرج ألواحه فكتب وقد روى ذلك عن سفيان الثوري . وقد سمع إبراهيم بن هشام وهو يخطب على المنبر ويقول : إن يوما أشاب الصغير ، وأسكر الكبير ، ليوم شرّه مستطير ! [ وصف الكتب ] قال الجاحظ : الكتاب وعاء ملىء علما ، وظرف حشى ظرفا ، وبستان يحمل في ردن [1] ، وروضة تقلَّب في حجر ، ينطق عن الموتى ، ويترجم كلام الأحياء . وقال : من صنّف كتابا فقد استهدف [2] ؛ فإن أحسن فقد استعطف ، وإن أساء فقد استقذف [3] . وقال : لا أعلم جارا أبرّ ، ولا خليطا أنصف ، ولا رفيقا أطوع ، ولا معلَّما أخضع ، ولا صاحبا أظهر كفاية ، وأقلّ جناية ، ولا أقلّ إملالا وإبراما ، ولا أقلّ خلافا وإجراما ، ولا أقلّ غيبة ، ولا أبعد من عضيهة [4] ولا أكثر أعجوبة وتصرّفا ، ولا أقل صلفا وتكلَّفا ، ولا أبعد من مراء ، ولا أترك لشغب ، ولا أزهد في جدال ، ولا أكفّ عن قتال ، من كتاب . ولا أعلم قرينا أحسن مواتاة ، ولا أعجل مكافأة ، ولا أحضر معونة ، ولا أقلّ مئونة ، ولا شجرة أطول عمرا ، ولا أجمع أمرا ، ولا أطيب ثمرة ، ولا أقرب مجتنى ، ولا أسرع إدراكا في كل أوان ، ولا أوجد في غير إبّان ، من كتاب . ولا أعلم نتاجا في حداثة سنّه ، وقرب ميلاده ، ورخص ثمنه ، وإمكان وجوده ، يجمع من التدابير الحسنة ، والعلوم الغريبة ، ومن آثار العقول الصحيحة ، ومحمود الأخبار عن القرون الماضية ، والبلاد المتراخية ، والأمثال السائرة ، والأمم البائدة ما يجمع الكتاب .
[1] الردن : الكم [2] استهدف : صير نفسه هدفا لسهام النقد [3] استقذف : عرض نفسه للقذف [4] العضيهة : الإفك وتعمد الكذب