< شعر > وأنالنى ما أرتجى وأجار ممّا أتّقى فلأغفرنّ له الكث ير من الذنوب السّبّق إلَّا جنايته التي فعل المشيب بمفرقى [1] < / شعر > قال بعض العلماء : العقول لها صور مثل صور الأجسام ، فإذا أنت لم تسلك بها سبيل الأدب حارت وضلَّت ، وإن بعثتها في أوديتها كلَّت وملَّت ، فاسلك بعقلك شعاب المعاني [2] والفهم ، واستبقه بالجمام للعلم [3] ، وارتد لعقلك أفضل طبقات الأدب ، وتوقّ عليه آفة العطب ؛ فإنّ العقل شاهدك على الفضل ، وحارسك من الجهل . واعلم أنّ مغارس العقول كمغارس الأشجار ؛ فإذا طابت بقاع الأرض للشجر زكا ثمرها ، وإذا كرمت النفوس للعقول طاب خيرها ، فاغمر نفسك بالكرم ، تسلم من الآفة والسّقم . واعلم أنّ العقل [ الحسن ] في النفس اللئيمة ، بمنزلة الشجرة الكريمة في الأرض الذميمة ، ينتفع بثمرها على خبث المغرس ؛ فاجتن ثمر العقول وإن أتاك من لئام الأنفس . [ وقال النبي عليه السلام : « ربّ حامل فقه إلى من هو أوعى له » . وقيل : رب حامل فقه غير فقيه ، ورب رمية من غير رام ] . وقيل : الحكمة ضالَّة المؤمن ، أينما وجدها أخذها . وسمع الشّعبىّ الحجاج ابن يوسف وهو على المنبر يقول : أمّا بعد ، فإنّ اللَّه كتب على الدنيا الفناء ، وعلى الآخرة البقاء ، فلا فناء لما كتب عليه البقاء ، ولا بقاء لما كتب عليه الفناء ، فلا يغرّنكم شاهد الدنيا عن غائب الآخرة ، وأقصروا من الأمل ، لقصر الأجل .
[1] وكانت وفاة الوزير المهلبي سنة 352 [2] الشعاب : جمع شعب - بكسر الشين - وهو الطريق في الجبل [3] الجمام - بكسر الجيم - الراحة .