أبى القاسم الداوودى جوابا عن كتاب له ورد عليه . وأبو الفضل رئيس نيسابور وأعمالها في وقتنا هذا [1] ، وسيمرّ من كلامه ونثره ونظامه ما يغنى عن التنويه ، ويكفى عن التنبيه ، ويجلّ عن التشبيه ، ويكون كما قال أبو الحسن الأخفش علي بن سليمان : [ استهدى إبراهيم بن المدبّر ] أبا العباس محمد بن يزيد جليسا يجمع إلى تأديب ولده الإمتاع بإبناسه ؛ فندبنى لذلك ، وكتب إليه معي : قد أنفذت إليك - أعزّك اللَّه - فلانا ، وجملة أمره أنه كما قال الشاعر : < شعر > إذا زرت الملوك فإن حسبي شفيعا عندهم أن يخبرونى < / شعر > وفصل أبى الفضل : وقفت على ما أتحفنى به الشيخ : من نظمه الرائق البديع ، وخطَّه المزرى بزهر الربيع ، موشّحا بغرر ألفاظه ، التي لو أعيرت حليتها لعطَّلت قلائد النحور ، وأبكار معانيه التي لو قسّمت حلاوتها لأعذبت موارد البحور ، فسرّحت طرفي منها في رياض جادتها سحائب العلوم والحكم ، وهبّ عليها نسيم الفضل والكرم ، وابتسمت عنها ثغور المعالي والهمم ، ولم أدر - وقد حيّرتنى أصنافها ، وبهرتنى ثغورها وأوصافها ، حتى كستنى اهتزازا وإعجابا ، وأنشأت بيني وبين التماسك سترا وحجابا ، ولم أدر [2] أدهتنى لها نشوة راح ، أم ازدهتنى نغمة ارتياح ، وانتظم عندي منها عقد ثناء وقريض [3] ، أم قرع سمعي منها غناء معبد وغريض ، وكيفما كان فقد حوى رتبة الإعجاز والإبداع ، وأصبح نزهة القلوب والأسماع ، فما من جارحة إلا وهي تودّ لو كانت أذنا فتلتقط درره وجواهره ، أو عينا تجتلى مطالعه ومناظره ، أو لسانا يدرس محاسنه ومفاخره . وله فصل من كتاب إلى أبى منصور عبد الملك بن إسماعيل الثعالبي : « وصل كتاب مولاي وسيدي ، أبدع الكتب هوادى وأعجازا [4] ، وأبرعها بلاغة
[1] توفى أبو الفضل الميكالى سنة 436 ، وقد توفى مؤلف هذا الكتاب في سنة 453 ( م ) [2] هكذا ، وكلمة « ولم أدر » تكرار هنا للتي سبقت ( م ) [3] كذا ، ولعل الأصل « عقد نثار وقريض » ( م ) [4] الهوادى والأعجاز : البدايات والنهايات