نام کتاب : تاج العروس نویسنده : الزبيدي جلد : 1 صفحه : 47
بسم الله الرحمن الرحيم أحمد من قلدنا من عقد صحاح جوهر آلائه ، وأولانا من سيب لباب مجمل إحسانه وإعطائه ، أفاض علينا من قاموس بره المحيط فائق كرمه وباهر إسدائه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة يوردنا صدق قولها المأنوس مورد أحبابه ومشارب أصفيائه وأشهد أن سيدنا ومولانا محمدا السيد المرتضى ، والسند المرتجى ، والرسول المنتقى ، والحبيب المجتبى ، المصباح المضئ المزهر بمشكاة السر اللامع المعلم العجاب ، والصبح اللامع المسفر عن خبايا أسرار ناموس الصدق والصواب ، مستقصى مجمع أمثال الحكم بل سر ألف با في كل باب وكتاب ، والأساس المحكم بتهذيب مجده المتلاطم العباب ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه خير صحب وآل ، مطالع العز الأبدي من موارد الفخر والكمال ، ومشارق المجد والجلال ، ما أعرب المعرب عن كل مغرب ، وسحب ذيل إعجازه على كل مسهب ، ونطق لسان الفصيح في نهاية جمهرة مجدهم الصريح المرقص المطرب ، وسلم تسليما كثيرا كثيرا . و بعد فإن التصنيف مضمار تنصب إليه خيل السباق من كل أوب ثم تتجارى ، فمن شاط بعيد الشأو ، وساع [1] الخطو ، تشخص الخيل وراءه إلى مطهم سباق في الحلبة ميفاء على القصبة ، ومن لاحق بالأخريات ، مطرح خلف الأعقاب ، ملطوم عن شق الغيار ، موسوم بالسكيت المخلف ، ومن آخذ في المقصد ، متنزل سطة ما بينهما ، قد انحرف عن الرجوين ، وجال بين القطرين ، فليس بالسباق المفرط ، ولا اللاحق المفرط . و قد تصديت للانصباب في هذا المضمار تصدي القاصد بذرعه ، الرابع على ظلعه ، فتدبرت فنون العلم التي أنا كائن بصدد تكميلها ، وقائم بإزاء خدمتها وتحصيلها ، فصادفت أصلها الأعظم الذي هو اللغة العربية خليقة بالميل في صغو الاعتناء بها ، والكدح في تقويم عنادها ، وإعطاء بداهة الوكد وعلالته إياها . و كان فيها كتاب القاموس المحيط ، للإمام مجد الدين الشيرازي أجل ما ألف في الفن ، لاشتماله على كل مستحسن ، من قصارى فصاحة العرب العرباء ، وبيضة منطقها وزبدة جوارها ، والركن البديع إلى ذرابة اللسان وغرابة اللسن ، حيث أوجز لفظه وأشبع معناه ، وقصر عبارته وأطال مغزاه ، لوح فأغرق في التصريح ، وكنى فأغنى عن الإفصاح ، وقيد من الأوابد ما أعرض ، واقتنص من الشوارد ما أكثب ، إذ ارتبط في قرن ترتيب حروف المعجم ارتباطا جنح فيه إلى وطء منهاج أبين من عمود الصبح ، غير متجانف للتطويل عن الإيجاز ، وذلك أنه بوبه فأورد في كل باب من الحروف ما في أوله الهمز ، ثم قفى على أثره بما في أوله الباء ، وهلم جرا ، إلى منتهى أبواب الكتاب ، فقدم في باب الهمزة إياها مع الألف عليها مع الباء ، وفي كل باب إياها مع الألف على البائين ، وهلم جرا ، إلى منتهى فصول الأبواب ، وكذلك راعى النمط في أوساط الكلم وأواخرها ، وقدم اللاحق فاللاحق . و لعمري هذا الكتاب إذا حوضر به في المحافل فهو بهاء ، وللأفاضل متى وردوه أبهة ، قد اخترق الآفاق مشرقا ومغربا ، وتدارك سيره في البلاد مصعدا ومصوبا ، وانتظم في سلك التذاكر ، وإفاضة أزلام التناظر ، ومد بحره الكامل البسيط ، وفاض عبابه الزاخر المحيط ، وجلت مننه عند أهل
[1] بهامش المطبوعة المصرية " وساع كسحاب بمعنى الواسع كما في القاموس " .
47
نام کتاب : تاج العروس نویسنده : الزبيدي جلد : 1 صفحه : 47