نام کتاب : تاج العروس نویسنده : الزبيدي جلد : 1 صفحه : 256
وأَنْباءٌ كشهيدٍ وأَشْهادٍ ، قال شيخنا وخُرِّجتْ عليه آياتٌ مَبْحوثٌ فيها ، والنَّبيئونَ جمع سَلامةٍ ، قال الزَّجاج القراءةُ المُجْمَع عليها في النَّبيِّينَ والأَنْبِياءِ طرحُ الهَمْزِ ، وقد همز جماعةٌ من أَهل المدينة جميع ما في القرآن من هذا ، واشتقاقُه من نَبأَ وأَنبأَ ، أَي أَخبر ، قال : والأَجودُ تَرْكُ الهمز ، انتهى . والاسمُ النُّبُوءةُ بالهمز ، وقد يُسَهَّل ، وقد يُبْدَل واواً ويُدغم فيها ، قال الراغب : النُّبُوَّةُ : سِفارةٌ بين الله عزَّ وجلَّ وبين ذَوي العُقول الزَّكيَّةَ [ من عباده ] [1] لإزاحةِ علَلِها . وتَنَبَّأَ بالهمز على الاتفاق ، ويقال تَنَبَّى ، إذا ادَّعاها أَي النُّبُوَّةَ ، كما تَنَبَّى مُسيلِمةُ الكذَّاب وغيرُه من الدجَّالين ، قال الراغب : وكان من حَقّ لفظه في وضْع اللغةِ أن يَصِحَّ استعمالُه في النَّبيءِ إذا هو مُطاوع نَبَّأَ كقوله زَيَّنَه فتَزَيَّنَ وحَلاَّه فتَحَلَّى وجَمَّله [2] لكن لمَّا تُعُورفَ فيمن يدَّعي النبُوَّة كَذِباً جُنِّبَ استعماله في المُحِقِّ ولم يُستعمل إِلاَّ في المُتَقَوِّلِ في دَعْواهُ . ومنه المُتَنَبِّئُ أبو الطَّيِّبِ الشاعر أحمدُ بن الحُسين بن عبد الصمد الجُعْفِيّ الكِنْدِيّ ، وقيل مولاهم ، أَصلُه من الكوفة خَرَج إلى بَني كَلْب ابن وَبرَة من قُضاعة بأَرض السَّماوَة ، وتبعه خَلْقٌ كثيرٌ ، ووضع لهم أَكاذيبَ وادَّعى أوَّلاً أنَّه حَسَنِيُّ النسب ثمَّ ادَّعى النُّبُوَّة فشُهِدَ بالضم عليه بالشأْم يعني دِمَشْقَ وحُبِس دَهراً بحِمْصَ حينَ أَسرَه الأمير لُؤلُؤٌ نائب الإخشيد بها ، وفرَّق أصحابَه ، وادَّعى عليه بما زعمه فأَنكر ثمَّ اسْتُتيبَ وكذَّب نَفسه وأُطْلِقَ من الحَبْس وطَلَب الشِّعْرَ فقاله وأَجاد ، وفاقَ أَهلَ عصرِهِ ، واتَّصل بسَيْفِ الدَّولَةِ بن حَمْدانَ ، فمدَحه ، وسار إلى عَضُد الدَّولة بفارِس ، فمدحه ، ثمَّ عاد إلى بغدادَ فقُتِلَ في الطَّريق بقُرْبِ النّعمانيَّة سنة 354 في قصَّةٍ طويلةٍ مَذكورة في محلّها ، وقيل : إنَّما لُقِّبَ به لقوَّة فَصاحته ، وشدَّةِ بلاغته ، وكَمالِ مَعرفته ، ولذا قيل : لم يرَ النَّاسُ ثانِيَ المُتَنَبِّي * أَيُّ ثانٍ يُرَى لبِكْر الزَّمانِ هو في شِعرِهِ نَبِيٌّ ولكنْ * ظَهَرَتْ مُعْجِزاتُه في المَعاني وكانوا يسمُّونه حَكيمَ الشعراءِ ، والذي قرأْتُ في شرحِ الواحدي نقلاً عن ابن جنِّي إنَّما لُقِّب بقوله : أَنا في أُمَّةٍ تَدَارَكَها اللهُ * غَريبٌ كصالِحٍ في ثَمودِ ونَبَأَ كمَنع ونُبوءاً : ارتفع ، قال الفرَّاء : النَّبيُّ هو من أَنبَأَ عن الله ، فتُرِك همزُه ، قال : وإن أُخِذَت [3] من النُّبُوَّة والنَّباوَة وهي الارتفاع [4] عن الأرض أَي أنَّه أشرف على سائر الخَلْق فأَصله غير الهمز . ونَبَأَ عليهم يَنْبَأُ نَبْأً ونُبوءاً : هجَم وطَلَعَ وكذلك نَبَهَ ونَبَعَ ، كلاهما على البدل ، ونَبَأْتُ على القوم نَبْأً إذا اطَّلعت [5] عليهم ، ويقال : نَبَأَ من أَرضٍ إلى أَرضٍ أُخرى أَي خرج منها إليها . والنَّابِئُ : الثورُ الَّذي يَنْبَأُ من أَرضٍ إلى أَرض ، أَي يخرُج ، قال عَدِيٌّ بنُ زيد يصِفُ فَرَساً : وله النَّعْجَةُ المَرِيُّ تُجاهَ الرّ * كْبِ عِدْلاً بالنَّابِئُ المِخْراقِ [6] أَراد بالنَّابئِ ثَوْراً خَرَج من بلدٍ إلى بلد يقال نبأ وطرأ وشط إذا خرج من بلد إلى بلد ، وسَيْلٌ نابِئٌ : جاءَ من بلدٍ آخرَ ، ورجلٌ نابِئٌ ، أَي طارِئٌ من حيث لا يُدْرى ، كذا في الأَساس ، قال الأَخطل : أَلا فاسْقِياني وانْفِيا عنِّي القَذَى * فليسَ القَذَى بالعُودِ يسقُطُ في الخَمْرِ وليسَ قَذاها بالَّذي قدْ يَريبُها * ولا بذُبابٍ نَزْغُهُ أَيْسَرُ الأَمْرِ ولكنْ قَذاها كلُّ أَشْعَثَ نابِئٍ * أَتَتْنا به الأَقْدارُ من حيثُ لا نَدْري من هنا ما جاءَ في حديثٍ أخرجه الحاكمُ في المُسْتَدرك ، عن أبي الأَسود ، عن أَبي ذَرٍّ وقال إنَّه صحيح على شَرْط الشيخين قولُ الأعرابيّ له صلى الله عليه وسلم يا نَبيءَ اللهِ ، بالهمز ، أَي الخارج من مكَّة إلى المدينة فحينئذ أَنكره أَي الهمز عليه على الأعرابيّ ، لأنَّه ليس من لغة قُرَيْش ، وقيل :
[1] عن مفردات الراغب . [2] زيد عند الأصفهاني : وجمله فتجمل . [3] بهامش المطبوعة المصرية : " قوله وان أخذت " لعله أخذ بدليل قوله " فأصله " وفي اللسان : أخذ . [4] زيد في اللسان : عن الأرض . [5] الصحاح : طلعت . [6] اللسان : المخراق .
256
نام کتاب : تاج العروس نویسنده : الزبيدي جلد : 1 صفحه : 256