نام کتاب : إنباه الرواة على أنباه النحاة نویسنده : علي بن يوسف القفطي جلد : 1 صفحه : 18
بأن أكون السّكيت [1] ، فلا تنسبّنى في ذلك إلى تقصير ، وكيف ولسانى في الَّلسن غير ألكن وبنانى في البيان غير قصير ! ولقد أعددت للرياسة أسبابها ، ولبست لكفاح أهلها جلبابها ، وملكت من موادّها نصابها ، وضاربت أضرابها ، وباريتهم في ميدان الفضائل ، فكنت السابق وكانوا الفساكل [2] . وظننت أنى قد حللت من الدولة أمكن مكانها ، وأصبحت إنسان عينها وعين إنسانها ، إذا الظنون مخلفة ، وشفار العيون إلى الأعداء مرهفة ، والفرقة المظنونة بالإنصاف غير منصفة ، وصار ما اعتقدته من أسباب التقريب مبعدا ، ومن اعتقدته لى مساعدا غدا عليّ مسعدا [3] ، ومن أعددته لمرادى موردا أصبح لمثالبى موردا . وجست مقاصد المراشد فوجدتها بهم مقفلة ، ومتى أظهرت فضيلة اعتمدوا فيها تعطيل المشبهة وشبه المعطَّلة [4] » . « وإذا ركبت أشهب النهار لنيل مرام ، ركبوا أدهم الليل لنقض ذلك الإبرام ، وإن سمعوا منى قولا أذاعوا ، وإن لم يسمعوا اختلقوا من الكذب ما استطاعوا . وقد صرت كالمقيم وسط أفاع لا يأمن لسعها ، وكالمجاور لنار يتّقى شرها ويستكفى لذعها . واللَّه المسئول توسيع الأمور إذا ضاقت مسالكها ، وهو المرجوّ لإصلاح قلوب الملوك على مماليكهم ؛ إذ هو رب الملكة ومالكها . وهأنا جاثم جثوم الليث في عرينه ، وكامن كمون الكميّ في كمينه . وأعظم كانت النار لهبا إذا قلّ دخانها ، وأشدّ ما كانت السفن جريا إذا سكن سكَّانها [5] والجياد تراض ليوم السباق ، والسهام تكنّ في كائنها لإصابة الأحداق ، والسيوف لا تنتضى من الأغماد إلا ساعة الجلاد ، واللآلئ لا تظهر من الأسفاط [6] إلا للتعليق
[1] السكيت في الأصل : الفرس العاثر الذى يجىء آخر الحلبة ، ويريد به ها هنا المتأخر عن أقرانه . [2] الفساكل : جمع فسكل ، وهو الفرس التالى للسكيت . [3] مسعدا : معينا . [4] المشبهة : طائفة تشبه صفات اللَّه تعالى بصفات غيره . والمعطلة : طائفة أخرى تقول بتعطيل بعض الصفات ؛ يريد أنهم إذا رأوا له فضلا يحاولون نفيه عنه . [5] السكان : ذنب السفينة . [6] الأسفاط : الأوعية .
18
نام کتاب : إنباه الرواة على أنباه النحاة نویسنده : علي بن يوسف القفطي جلد : 1 صفحه : 18