ويصحح ما فيه من خطأ ، وينبه على ما فيه من تصحيف لم يسلم منه كتاب في ذلك الزمان . ولكن الزبيدي لم يفعل شيئا من ذلك ، بل عمد ، استجابة الامر المستنصر بالله إلى " اختصار الكتاب المعروف بكتاب العين المنسوب إلى الخليل بن أحمد الفراهيدي بأن يؤخذ عنه عيونه ، ويلخص لفظه ويحذف حشوه ، ويسقط فضول الكلام المتكررة فيه ، لتقر بذلك فائدته ، ويسهل حفظه ، ويخف على الطالب جمعه " [1] . لقد أراد أبو بكر الزبيدي باختصاره العين أن يحسن إليه فأساء إليه إذا حذف منه " شواهد القرآن والحديث وصحيح أشعار العرب " [2] ، وتركه جسما بلا روح . وأبو بكر الزبيدي تلميذ أبي علي القالي ، وعنه تلقى الدعوة إلى التشهير بكتاب العين ورميه بالتخليط ، والخلل والفساد ، فقد ارتحل القالي إلى ربوع الأندلس وحمل معه السجستاني ، وأشاعه في تلك الربوع ، وألف معجما بناه على كتاب العين ، لكنه سماه بالبارع غمزا لكتاب العين ، وإيهاما بفضله عليه ، كما فعل الأزهري في المشرق حين سمى كتابه بتهذيب اللغة لذلك . على أن أبا علي بتأثير شيخه أبي بكر بن دريد ، وبالتزامه مقابلة نسخ العين بأمر من الحكم المستنصر بالله لم ير مناصا من الاعتراف بواقع الامر ، وبتصحيح نسبة الكتاب إلى الخليل ، ولذلك حين صنف ( البارع ) نسب كل ما فيه إلى الخليل ، ولم ينسب شيئا فيه إلى الليث ، كما دأب الأزهري عليه ، وقد مر بنا أمثلة ذلك . وقد أتيح لدارس محدث عني بتحقيق نص من البارع أن يوازن بين ما رواه عن الخليل في هذا الجزء وهو معظمه وما جاء في نسختي كتاب العين اللتين وقف عليهما " فإذا بالكتابين [ يعني البارع والعين ] ومتطابقان حذو القذة بالقذة " [3] . وينتهي هذا الدرس إلى أن يقول : " بهذا يكون البارع أقدام نسخة وصلت إلينا من
[1] الورقة ( ء ( من مختصر العين ( نسخة مدريد ) . [2] المزهر 1 / 88 . [3] البارع تحقيق الدكتور هاشم الطعان ص 66 .