ومن ذلك ما جاء في ترجمة ( عصم ) : " والأعصم : الوعل ، وعصمته بياض شبه زمعة الشاة في رجل الوعل في موضع الزمعة من الشاء " . [1] قال الأزهري : " الذي قاله الليث في نعت الوعل أنه شبه الزمعة تكون في الشاء محال " . [2] . وتغافل عما ورد في الترجمة نفسها من قوله : " قال أبو ليلى : هي عصمة في إحدى يديه من فوق الرسغ إلى نصف كراعه " ثم أردفه بشاهد من قول الأعشى : فأرتك كفا في الخضا * ب معصما مل ء الجباره . وذكره الرأيين يسد باب التحامل في وجه الأزهري . وأعجب من هذا كله فعلته في ترجمة ( سمع ) فقد زعم أن الليث قال : " تقول العرب : سمعت أذني زيدا يفعل كذا ، أي : أبصرته بعيني يفعل ذاك " ، فعقب عليه بقوله : " قلت : لا أدري من أين جاء الليث بهذا الحرف ، ليس من مذاهب العرب أن يقول الرجل : سمعت أذني بعني أبصرت عيني ، وهو عندي كلام فاسد ، ولا آمن أن يكون مما ولده أهل البدع والأهواء ، وكأنه من كلام الجهمية " [3] . وجاء ابن منظور على عادته فنقل ذلك عنه من دون تحفظ . إذا استطاع الأزهري أن يثير الدخان حول " العين " ويكدر الهواء من حوله حينا من الدهر فلن يستطيع دخانه أن يثبت أبدا فسيتبدد أمام الواقع الناصع ، والحقيقة المجلوة ، وقد أتيح لكتاب " العين " أن يبقي ، وأن يستعصي على ما أراد له الأزهري وأمثاله ، وأن تتداوله أقلام النساخ على تعاقب العصور شاهدا على جحود أبناء العربية لكتابها الأول كتاب " العين " . وهذا هو النص الذي شوهه الأزهري ، أو جاءه مشوها ولم يتحر فيه الصواب ، وهو مما اتفقت فيه نسخ العين الموجودة .
[1] انظر مادة " زمع " في التهذيب . [2] المصدر نفسه . [3] انظر مادة " سمع " في " التهذيب " .