وقد عقد الأزهري في مقدمته بابا ذكر فيه الأئمة الذين اعتمد عليهم فيما جمع في كتابه " تهذيب اللغة " ، ذكر أكثر الدارسين الذين صنفوا الكتب في اللغات ، وفي علم القرآن وفي القراءات ، بدأهم بأبي عمرو بن العلاء ، وختمهم بأبي عبد الله نفطويه ، ولم يكن الخليل بن أحمد واحدا من هؤلاء الاثبات فقد تجاهل مكانته في الدراسات اللغوية ، ولم يذكره إلا على أنه أستاذ سيبويه ، وأنه " رجل من الأزد من فراهيد " وأن ابن سلام كان يقول : " استخرج من العروض واستنبط منه ومن علله ما لم يستخرجه أحد ، ولم يسبقه إلى علمه سابق من العلماء كلهم " [1] . ولم يكن الخليل ليساوي عنه الأزهري حتى أصغر تلاميذه الذين سلكهم في مصادره المعتمدة حتى كأن الخليل لا علاقة له باللغة ولا بالنحو ولا بالتأليف المعجمي ، مع أنه اقتبس مقدمة لعين بكل تفصيلاتها ، وجعلها مقدمة لمعجمه ، نقل منها رأي الخليل في عدة حروف العربية ، وأحيازها ومخارجها وصفاتها ، وتأثير بعضها في بعض ، حين تتألف وتتجاور في كلمات ، وأخذ عنه تصنيف الكلم من حيث عدة أصولها ، وأخذ عنه ما يأتلف من الأصوات وما لا يأتلف . ولم يجعل الليث من مصادره ، لان الليث ، فيما زعم ، من أولئك الذين ألفوا " كتبا أودعوها الصحيح والسقيم ، وحشوها بالمزال والمصحف المغير " [2] . ولكننا حين نتصفح " تهذيب اللغة " ونقابله بما في كتاب العين نعجب من أمر الرجل الذي حاول في غير ذكاء أن يجمع بين تحامله على الليث وغضه من شأنه ، ونهب ما في كتابه ، على حد زعمه ، ليبني كتابه عليه . لقد كان " العين بكل ما فيه من ترجمات وبيانات وتفسيرات أساس كتابه الذي لم يزد عليه إلا روايات ونقولا عن غير الخليل ، ولم يضف شيئا على ما فعله الخليل الذي يسميه بالليث أو بان المظفر إلا مفردات أهملها الخليل .