وما قاله أبو طالب المفضل بن سلمة ، فيهما زعم السيوطي ، أن صاحب العين ذكر " أنه بدأ كتابه بحرف العين ، لأنها أقصي الحروف مخرجا " [3] وهم محض ، لأنه لم يقل ذاك ، ولا شيئا قريبا منه . وكان وهما أيضا ما جعله الزبيدي أساسا لنفي نسبة " العين " إلى الخليل . وكان قد استند إلى أمرين كلاهما ضعيف لا يصح الاستناد إليه . الأول : ما لا حظه من خلاف في الظاهر بين ترتيب الأصوات في العين وترتيبها في الكتاب ، ولو كان العين له ، " لم يكن ليختلف قوله ، ولا ليتناقض مذهبه " . والثاني : ما لاحظه من إدخال الرباعي المضاعف في باب الثلاثي المضاعف ، وهو مذهب الكوفيين خاصة ، فيما زعم [1] . أما الأول فالجواب عنه هو ما قدمناه من بيان ، ومن نقل عن ابن كيسان . وأما الثاني فالجواب عنه أن الزبيدي لم يقع له مذهب الخليل على حقيقته ، لان الثلاثي المضاعف عند الخليل أنما هو من الثنائيات ، وأن الرباعي المضاعف إنما ينشأ من تكرار الثنائي فهو منه وليس من باب اخر ، وإذا أخذا الكوفيون بهذا الرأي فيما بعد فلن يعني هذا أنه من مذهبهم وأنه خاص بهم . * * * والعين بهذا أول معجم في العربية ولعله معجم موعب ، وقد أنجز في زمن لم تكن أذهان الدارسين ممهدة لتقبل مثله ، مثله مثل أي عمل يبتكر كان الخليل قد انفرد في انجازه ، ولذلك بقي بعيدا عن متناول رواة اللغة السلفيين ، ولم يخطر على بال أحدهم إذا ذاك أن يصنف كتابا يكون " مدار كلام العرب وألفاظهم ، ولا يخرج منها عنه شئ " . كما جاء في مقدمة " العين " ولم يكن ليكون مما اتجهت أذهانهم إليه ، وانصبت عنايتهم عليه .
[3] المزهر 1 / 90 [1] انظر ما اقتبسه السيوطي من كلام الزبيدي في كتابة " استدراك الغلط الواقع في كتاب العين " المزهر 1 / 79 - ! 7 .