قال اللَّه عز وجل : * ( ولكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا ) * [1] ، فمعناه : جماعا . وقال امرؤ القيس [2] : < شعر > ألا زعمت بسباسة اليوم أنني * كبرت وأن لا يحسن السرّ أمثالي < / شعر > وقال الأعشى [3] : < شعر > فلن يطلبوا سرّها للغنى * ولن يسلموها لأزهادها < / شعر > خبّر عنهم أنهم لا يطلبون نكاحها ليستغنوا بمالها ، ولا ينصرفون عنه لفقرها . وإنما سمي النكاح سرا ، لأنه يخفى ويغيّب ويستر عن الناس ، فشبه بالسر من القول ، وربّما سمّت العرب الزنا : سرّا ، قال الشاعر [4] : < شعر > ويحرم سرّ جارتهم عليهم * ويأكل جارهم أنف القصاع < / شعر > أراد بالسر الزنا . وقال العجاج [5] : < شعر > إني امرؤ عن جارتي كفيّ * عن الأذى إنّ الأذى مقليّ وعن تبغّي سرها غنّي * عفّ فلا لاص ولا ملصيّ < / شعر > اللاصي القاذف ، والملصي المقذوف . يقال : لصيت الرجل ، إذا قذفته وافتريت عليه . وقال رؤبة [6] : < شعر > فعفّ عن أسرارها بعد الغسق * ولم يضعها بين فرك وعشق < / شعر > أراد بالأسرار : الزنا . والقول الآخر أنها سميت سريّة لسرور صاحبها بها ، وهي فعليّة من السر . أخبرنا أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : السرّ عند العرب : هو السرور بعينه . وقال بعضهم : يجوز أن تكون السرية فعّولة من السرور ، وأصلها سرّورة ، فاستثقلوا الجمع بين ثلاث راءات ، فأبدوا من الثالثة ياء ، وأبدلوا من الواو ياء وأدغموها
[1] سورة البقرة : آية 235 . [2] ديوانه 28 وفيه : اللهو ، ولا شاهد فيه على هذه الرواية . [3] ديوانه 56 . [4] الحطيئة ، ديوانه 62 . [5] ديوانه 315 . وكفّي : غني ، ومقلي : مكروه . [6] ديوانه 104 .