الذي يروى عن العباس : « في حل وبل » ، البل هو : الحل ، دخلت الواو عليه لما خالف لفظه ، ومن ذلك قول عدي بن زيد [1] : < شعر > وقدّمت الأديم لراهشيه * وألفي قولها كذبا ومينا < / شعر > فالمين : هو الكذب ، نسق عليه لما خالف لفظه . ومثله قول الآخر ، وهو طرفة [2] : < شعر > فمالي أراني وابن عمي مالكا * متى أدن منه ينأ عني ويبعد < / شعر > فنسق يبعد على ينأ ، لما خالف لفظه ، ومثله قول الآخر وهو الحطيئة [3] : < شعر > ألا حبذا هند وأرض بها هند * وهند أتى من دونها النأي والبعد < / شعر > فنسق النأي على البعد لما خالف لفظه ، وهو في المعنى واحد . وقال علي بن المبارك الأحمر [4] : حياك اللَّه وبياك ، معناه : حياك اللَّه وبوأك منزلا ، فتركت العرب الهمز وأبدلوا من الواو ياء ، ليزدوج الكلام ، فيكون بياك على مثل حياك ، كما قالوا : « إنه ليأتينا بالعشايا والغدايا » ، فجمعوا الغداة غدايا ؛ ليزدوج مع العشايا ، وكما قال النبي صلَّى اللَّه عليه وسلم للنساء : « ارجعن مأزورات غير مأجورات » [5] ، أراد : موزورات ؛ لأنه من الوزر ، فهمزه ليزدوج مع مأجورات ، كما قال الشاعر [6] : < شعر > هتّاك أخبية ولَّاج أبوبة * يخلط بالجد منه البرّ واللَّينا < / شعر > فجمع الباب أبوبة ، ليزدوج مع الأخبية ، قال سلمة بن عاصم : حكيت للفراء ما قال الأحمر فقال : ما أحسن ما قال . وقال أبو زيد [7] وأبو مالك [8] : حياك اللَّه وبياك ، معناه : حياك اللَّه وقربك ، واحتج أبو زيد بقول الشاعر :
[1] ديوانه ، ص 183 . [2] ديوانه ، ص 37 . [3] ديوانه ، ص 140 . [4] صاحب الكسائي ، توفي سنة 194 ه . [5] رواه ابن ماجه في السنن ، 1 / 503 . [6] هو القلاخ بن حباب ، الاقتضاب 472 . [7] هو سعيد بن أسوس الأنصاري ، توفي سنة 215 ، توفي سنة 215 ه . [8] هو عمرو بن كركرة الأعرابي ، كان يحفظ لغات العرب .