وقولهم : تعس فلان وانتكس قال أبو بكر : التعس معناه في كلام العرب : الشر ، قال اللَّه تبارك وتعالى : * ( فَتَعْساً لَهُمْ ) * [1] ، أراد : ألزمهم اللَّه الشر ، هذا قول أبي العباس . ويقال : التعس : البعد ، قال الأعشى [2] : < شعر > بذات لوث عفرناة إذا عثرت * فالتعس أدنى لها من أن أقول لعا < / شعر > اللوث : القوة ، والعفرناة : الناقة الشديدة ، ولعا : ارتفاعا . وانتكس معناه : قلب أمره وأفسد ، من ذلك : نكس المريض من علَّته ، وقال أبو العباس : الأصل فيه : أن يجعل أسفل الشيء أعلاه . حدثنا أحمد بن الهيثم ويوسف بن يعقوب قالا : حدثنا عمرو بن مرزوق قال : أخبرنا عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن دينار عن أبيه عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : قال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلم : « تعس عبد الدينار ، وعبد الدّرهم ، وعبد الخميصة . إن أعطي رضي وإن منع سخط ، تعس وانتكس ، وإذا شيك فلا انتقش . طوبى لعبد أشعث رأسه مغبّرة قدماه في سبيل اللَّه ، إن كانت الحراسة كان في الحراسة ، وإن كانت السّياقة كان في السياقة . طوبى له ، ثم طوبى له » [3] . وقوله صلَّى اللَّه عليه وسلم : إذا شيك فلا انتقش ، معناه : وإذا وقع في شر فلا تخلص منه ، فذكر الشوك مثلا ، ومعنى شيك : أصابه الشوك ، يقال : شاك عبد اللَّه الشوك يشوكه شوكا ، إذا أصابه ، وشكت الشوك أشاكه ، إذا وقعت فيه . وانتقش معناه : خرج الشوك من رجله ، يقال : قد انتقشت حقي عن فلان ، إذا استخرجته ولم أدع منه شيئا . ومن ذلك المنقاش ، سمي منقاشا ، لأنه يستخرج به الشوك وغيره . حدثنا أحمد بن الهيثم قال : حدثنا إبراهيم بن المهدي قال : حدثنا حمّاد الأبحّ عن ابن أبي ملكية عن عائشة قالت : قال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلم : « من نوقش الحساب عذّب » [4] . فنوقش مما وصفنا من الاستقصاء . وحدثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي قال : سمعت ابن الأعرابي يقول : الخميصة : كساء أسود مربع له علمان . وقال الرستمي عن
[1] سورة محمد : آية 8 . [2] ديوانه 83 . [3] سنن ابن ماجه 1386 ، الفائق 1 / 151 ، مع خلاف في الرواية . [4] النهاية 5 / 106 .