والحديث المروي عن النبي صلَّى اللَّه عليه وسلم أنه كان إذا دخل الخلاء قال : « أعوذ باللَّه من الخبث والخبائث » [1] ، معناه : أعوذ باللَّه من الكفر والشرك ، والخبائث : الشياطين . والخبث ، بفتح الخاء والباء : ما تخلصه النار من رديء الحديد والفضة ، من ذلك الحديث المروي : « إنّ الحمّى تنفي الذنوب كما ينفي الكير الخبث » [2] . وفي المسألة جواب ثالث ، وهو أن يكون المخبث : بمعنى الخبيث ، لا زيادة لمعناه على معناه ، إلا زيادة الإطناب والمبالغة ، ويجري مجرى قول العرب : هو جادّ مجدّ ، وهو ضراب ضروب ، المعنى في الحرفين واحد ، قال الشاعر [3] : حطَّامة الصّلب حطوما محطما فالألفاظ الثلاثة يرجعن إلى تأويل واحد . وقال الأعشى [4] : < شعر > وقد غدوت إلى الحانوت يتبعني * شاو مشلّ شلول شلشل شول < / شعر > فالشاوي : الذي يشوي ، والشلول : الخفيف ، والمشل : المطرد ، والشلشل : الخفيف وكذلك القلقل ، وكذلك الشول ، فالألفاظ متقاربة في المعنى ، أريد بذكرها والجمع بينها ؛ المبالغة في التوكيد . وقولهم : فلان صلب القناة قال أبو بكر : معناه : صلب القامة ، والقناة عند العرب : القامة ، قال امرؤ القيس [5] < شعر > وبيت عذارى يوم دجن دخلته * يطفن بحماء الموافق مكسال قليلة جرس الليل إلَّا وساوسا * وتبسم عن عذب المذاقة سلسال سباط البنان والعرانين والقنا * لطاف الخصور في تمام وإكمال < / شعر >
[1] سنن ابن ماجه 109 . [2] غريب الحديث 2 / 192 . [3] لم أقف عليه . [4] ديوانه 45 . [5] ديوانه 34 ، 379 . وفيه : يوم دجن ولجته . والحماء : الغائبة عظم الرفق لكثرة لحمها . والجرس : الصوت . والوساوس هنا : أصوات الحلي ، وسباط : ملس . والعرانين : الأنوف .