التأويل : هل خالق غير اللَّه . وقولهم : أعوذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم قال أبو بكر : في الشيطان قولان ؛ أحدهما : أن يكون سمي شيطانا ؛ لتباعده من الخير ، أخذ من قول العرب : دار شطون ونوى شطون ، أي : بعيدة . قال نابغة بني شيبان [1] : < شعر > فأضحت بعدما وصلت بدار * شطون لا تعاد ولا تعود < / شعر > والقول الثاني : أن يكون الشيطان سمي شيطانا ؛ لغيه وهلاكه ، أخذ من قول العرب : قد شاط الرجل يشيط ، إذا هلك . قال الأعشى [2] : < شعر > قد نطعن العير في مكنون فائله * وقد يشيط على أرماحنا البطل < / شعر > أراد : وقد يهلك . والرجيم فيه ثلاثة أقوال ؛ أحدهن : أن يكون معناه : المرجوم بالنجوم ، فصرف عن المرجوم إلى الرجيم ، كما تقول العرب : طبيخ وقدير ، والأصل : مطبوخ ومقدور ، وكذلك جريح وقتيل ، أصلهما : مقتول ومجروح ، فصرفا عن مفعول إلى فعيل . قال امرؤ القيس [3] : < شعر > فظلّ طهاة اللحم من بين منضج * صفيف شواء أو قدير معجّل < / شعر > أراد : مقدور معجّل ، فصرف عن مفعول إلى فعيل . والوجه الثاني : أن يكون الرجيم : المرجوم ؛ أي : المشتوم المسبوب ، فيكون من قول اللَّه عز وجل : * ( لَئِنْ لَمْ تَنْتَه لأَرْجُمَنَّكَ ) * [4] ، معناه : لأشتمنّك ولأسبّنّك . ومنه الحديث الذي يروى عن عبد اللَّه ابن مغفّل [5] أنه أوصى بنيه عند موته ، فقال : « لا ترجموا قبري » [6] ، فمعناه : لا تنوحوا عند قبري ، أي : لا تقولوا عنده كلاما سيئا سمجا . والوجه الثالث : أن يكون
[1] ديوانه ، ص 34 . [2] ديوانه ، ص 47 . [3] ديوانه ، ص 22 . [4] سورة مريم : آية 46 . [5] صحابي ، توفي سنة 57 ، أو 60 أو 61 ه . [6] غريب الحديث 4 / 290 .