تأوّبني دائي ، إذا راجعني ، والأوّاب : الرجّاع ، قال الشاعر [1] : < شعر > رسّ كرسّ أخي الحمّى إذا غبرت * يوما تأوّبه منها عقابيل < / شعر > وقال امرؤ القيس [2] : < شعر > وقد نقّبت في الآفاق حتى * رضيت من الغنيمة بالإياب < / شعر > وقوله في الصياح بصاحب الباقلاء أيضا : يا باقلاء حارّ قال أبو بكر : فيه خمسة أوجه : أحدهن : أن تقول : يا باقلاء حارّ ، فترفع الباقلاء ؛ لأنه منادى مفرد ، وترفع الحار على تجديد النداء ، كأنك قلت : يا باقلاء يا حارّ ، والنداء في اللفظ واقع على الباقلاء ، وهو في الحقيقة لصاحبه ، كما تقول العرب : قد ربحت دراهمك ودنانيرك ، وقد خسرت تجارتك ، معناه : قد خسر أصحاب التجارة ، فلما عرف المعنى جاز الاختصار ، قال اللَّه عز وجل : * ( فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ ) * [3] . ومنه قول العرب : ليل نائم ، وماء دافق ، وسر كاتم ، معناه : ليل ينام فيه ، وماء مدفوق ، وسر مكتوم ، فلما عرف المعنى صرف إلى هذا اللفظ ، قال الشاعر : < شعر > إن الذين قتلتم أمس سيّدهم * لا تحسبوا ليلهم عن ليلكم ناما أدّوا التي نقصت سبعين من مائة ثم ابعثوا حكما بالعدل حكَّاما [4] < / شعر > وقال الآخر [5] : < شعر > نهارهم ظمآن أعمى وليلهم * وإن كان بدرا ظلمة ابن جمير < / شعر > والوجه الثاني : أن تقول : يا باقلاء حارّا ، فتنصبهما على مثل قول العرب : يا رجلا ظريفا أقبل . وكل نكرة منصوبة إذا نوديت نصبت هي ونعتها ، لأنهما يشبّهان بالمضاف . والوجه الثالث : أن تقول : يا باقلاء الحارّ ، فترفع الباقلاء لأنه منادى مفرد ، والحار
[1] لم أقف عليه . والعقابيل : بقايا المرض . [2] ديوانه 99 . [3] سورة البقرة : آية 16 . [4] بلا عزو في الأضداد 127 . [5] ابن احمر ، وشعره : 115 . وابن جمير : آخر ليلة من الشهر .