والبراح : ما ظهر . ومن ذلك قالوا : قد أجهد ، إذا صار في جهاد من الأرض ، والجهاد : ما غلظ وارتفع . قال الشاعر [1] : < شعر > أبى الشهداء عندك من معدّ * فليس لما تدبّ به خفاء < / شعر > أراد : هو ظاهر . وقال أبو العباس أيضا : يقال معنى قولهم : برح الخفاء ، زال الخفاء ، أي ظهر الأمر ، فمعنى برح في هذا القول : زال من قولهم : ما برح فلان أي : ما زال من الموضع . ويقال أيضا : ما برحت أفعل كذا وكذا ، بمعنى ما زلت أفعله . قال اللَّه عز وجل : * ( لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ ) * [2] ، معناه : لا أزال . وقال الشاعر [3] : < شعر > إذا أنت لم تبرح تؤدي أمانة * وتحمل أخرى أفرحتك الودائع < / شعر > معناه : أثقلتك الودائع . وقولهم : فلان يشرب الخمر قال أبو بكر : في تسميتهم الخمر خمرا ثلاثة أقوال ؛ أحدهن : أن تكون سميت خمرا ، لأنها تخامر العقل ، أي : تخالطه . قال الشاعر [4] : < شعر > فخامر القلب من ترجيع ذكرتها * رسّ لطيف ورهن منك مقبول < / شعر > والقول الثاني : أن تكون سميت خمرا ، لأنها تخمّر العقل ، أي تستره ، من قولهم : قد خمّرت المرأة رأسها بالخمار ، إذا غطَّته . ويقال للحصير الذي يسجد عليه : خمرة لأنها تستر الأرض ، وتقي الوجه من التراب . قالت عائشة [5] : « كنت أناول النبي صلَّى اللَّه عليه وسلم
[1] زهير ، ديوانه 81 . [2] سورة الكهف : آية 60 . [3] بيهس العذرى ، كما في اللسان ( فرح ) . وأفرحه الشيء والدّين : أثقله . وفي الأضداد : أفدحتك . [4] لم أقف عليه . [5] في النهاية 2 / 77 : وفي حديث أم سلمة ( قال لها وهي حائض : ناوليني الخمرة ) . وفي صحيح مسلم 241 عن عائشة قالت : ( قال لي رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلم : « ناوليني الخمرة من المسجد . قالت : فقلت : إني حائض . فقال : إن حيضتك ليست في يدك » .