قال : البئر هاهنا : بؤرة تحفر في الأرض وتجعل فيها الملَّة ، وتجعل الخبزة على الملة ، والعصا : هي العصا التي تقلَّب بها الخبزة على الملة حتى تنضج ، وينفض عنها بها الرماد ، وأنشد بيت حاتم [1] : < شعر > إذا كان نفض الخبز مسحا بخرقة * وأخمد دون الطَّارق المتنوّر < / شعر > قال : يعني سنة جدب ، فإذا خبز الرجل الخبزة على الملة نفّض عنها الرماد بخرقة ، ولم يضربها بعصا ؛ لئلا يسمع جاره صوت العصا ، فيأتيه يستطعمه . وأما قول الآخر في العصا : < شعر > إذا جاء نقّاف يجرّ قناته * طويل العصا عدّيته عن شياهيا [2] < / شعر > النقاف هاهنا : السائل . وكان السائل رسولا للمريب والمريبة ، فإذا وقف نقف الأرض بعصاه ، فإذا سمعت المرأة ذلك خرجت إليه ، فأبلغها الرسالة ، فكان نقف الأرض علامة بينه وبينها . وأما قوله : عديته عن شياهيا ، معناه : عن نسائي . والعرب تكني عن المرأة بالشاة والنعجة ، قال اللَّه عز وجل : * ( إِنَّ هذا أَخِي لَه تِسْعٌ وتِسْعُونَ نَعْجَةً ولِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ ) * [3] ، قال المفسرون : النعجة : كناية عن المرأة ، وقال عنترة [4] : < شعر > يا شاة ما قنص لمن حلَّت له * حرمت عليّ وليتها لم تحرم < / شعر > يعني بالشاة هاهنا : امرأة . وقال يعقوب في قول الشاعر : < شعر > إني أراك والدا كذاكا * قد طال هذا الظلّ من عصاكا [5] < / شعر > معناه : قد طال ما ترفع علي العصا وتتوعدني وتتهددني ، فلعصاك ظلّ إذا رفعتها . وقولهم : هذه ليلة البدر قال أبو بكر : في البدر قولان : أحدهما : أن تكون سميت ليلة البدر ، لأن القمر
[1] أخل به ديوانه بجميع طبعاته . [2] اللسان ( تقف ) بلا عزو . [3] سورة ص : آية 23 . [4] ديوانه 213 . [5] شرح القصائد السبع 212 بلا عزو .