قال أبو بكر : وروى أبو زيد [1] عن العرب : ما شرّ اللبن للمريض . وكذلك يقال : ما أشد فلانا ، وما شد فلانا ، وأنشد الفراء : < شعر > ما شدّ أنفسهم وأعلمهم * بما يحمي الذمار به الكريم المسلم < / شعر > وقال الآخر : < شعر > قاتلك اللَّه ما أشد علي * ك البذل في صون عرضك الجرب < / شعر > وقولهم : فلان عظيم المؤونة قال أبو بكر : في المؤونة ثلاثة أقوال : يجوز أن تكون مأخوذة من منت الرجل ، إذا علته . سمعت أبا العباس يذكر هذا ، فإذا كانت مأخوذة من منت ، فالأصل فيها : مؤونة بغير همز ، فلما انضمت الواو همزت ، كما قالوا : هو قؤول للخير ، وفلان صؤول ، وفلان نؤوم من النوم . قال امرؤ القيس : < شعر > ويضحي فتيت المسك فوق فراشها * نؤوم الضحى لم تنتطق عن تفضّل < / شعر > والقول الثاني : أن تكون المؤونة مأخوذة من الأون ، والأون : السكون والدّعة . قال الراجز : < شعر > غيّر يا بنت الحليس لوني * مرّ الليالي واختلاف الجون وسفر كان قليل الأون [2] < / شعر > معناه : قليل الراحة والدعة . فإذا قيل : فلان عظيم المؤونة ، فمعناه على هذا التفسير : عظيم التسكين والتوديع لأهله وعياله . والقول الثالث : أن تكون المؤونة مأخوذة من الأين ، والأين : التعب والمشقة . قال الأعشى [3] : < شعر > لا يغمز الساق من أين ومن وصب * ولا يعضّ على شرسوفه الصّفر < / شعر > قال أبو عبيدة [4] : سمعت يونس يسأل رؤبة عن الصفر ، فقال : « هي حية
[1] سعيد بن أوس الأنصاري ، توفي 215 ه . [2] الأبيات بلا عزو في أضداد الأصمعي 36 . [3] هو أعشى باهلة عامر بن الحارث ، والبيت ملفق من صدر بيت وعجز آخر . [4] غريب الحديث 1 / 25 .