نام کتاب : البليغ في المعاني والبيان والبديع نویسنده : الشيخ أحمد أمين الشيرازي جلد : 1 صفحه : 45
به أنفسهم لو كانوا يعلمونَ ) [1] بل تنزيل وجود الشيء منزلة عدمه كثير ، منه قوله تعالى ( ما رَمَيْتَ إذْ رَمَيْتَ ) [2] . ومنها : جعل غير السّائل كالسّائل إذا قدّم على غير السّائل ما يشير بالخبر فينظر غير السّائل إلى الخبر نظر الطّالبِ المتردّد نحو ( ولا تخاطبني في الّذين ظلموا ) ( 3 ) أي لا تدعني يا نوح في شأن قومك واستدفاع العذاب عنهم بشفاعتكَ . فهذا كلام يشير بالخبر تلويحاً ما ويشعر بانّهم قد حقَّ عليهم العذاب فصار المقام مقام أن يتردّد المخاطب في هل صاروا محكوماً عليهم بالإغراق أمْ لا ؟ فقيل : ( أنّهم مُغْرَقُونَ ) ( 4 ) موكّداً أي محكوماً عليهم بالإغراق . ومنها : جعل غير المنكر كالمنكر إذا ظهر على غير المنكر شيء من أمارات الإنكار نحو : جَاءَ شَقيقٌ عارضاً رُمْحَهُ * إنَّ بني عمّكَ فيهم رِماحُ " شقيق " اسم رجل ، " عارضاً رُمْحَهُ " أي واضعاً رُمحَه على العرض فهو لا ينكر أنّ في بني عمّه رماحاً ، لكن مجيئه واضعاً الرّمح على العرض من غير التفات وتهيُّؤ أمارة انّه يعتقد أنْ لا رمح فيهم بل كلّهم عزّل لا سلاح معهم ، فنزّل منزلة المنكر وخوطب خطاب التفات بقوله : " إنّ بني عمّك فيهم رماح " مؤكّداً ب " إنَّ " . ومنها : جعل المنكر كغير المنكر إذا كانَ مع المنكر شيء من الدّلائل والشّواهد ، إنْ تأمّله المنكر ارتدع عن انكاره كما تقول لمنكر الإسلام " الإسلام حقّ " من غير تأكيد لأنَّ مع ذلك المنكر دلائل دالّة على حقّيّة الإسلام . ومثل ما ذكرنا في الإثبات كلّها اعتبارات النّفي من التجريد عن المؤكّدات في الابتدائي ، وتقويته بمؤكّد استحساناً في الطّلبي ، ووجوب التأكيد بحسب الإنكار في الإنكاري . تقول لخالي الذّهن " ما زيدٌ قائماً " وللطّالب " ما زيدٌ بقائم " وللمنكِر " وَاللهِ ما زيدٌ بقائم " وقس على هذا .