الحمدُ للهِِ ربّ العالمين ، والصّلاة على خير من أُوتي به البلاغة وعلى آلهِ الطّيّبينَ الطّاهرين المحرزين قصبات السّبق في مضمار الفصاحة .
وبعد ، يعتبر علم المعاني والبيان من العلوم الّتي لا تختصّ بشعب دون شعب أو لغة دونَ أُخرى أو دين دون غيره ، وهكذا فإنَّ كلّ إنسان يحيا هذه الحياة ويمتلك بفطرته طاقة الحديث الّتي ينقل خلالها أفكاره وتصوّراته واحتياجاته المتكرّرة إلى الآخرين يحتاج لأن يقوّي طاقات الحديث عنده ليستطيع بالتّالي أن يوضّح مقاصده بشكل جيّد . ويتأكّد هذا المعنى بالنّسبة لمن يمتلكون هدفاً رساليّاً سماويّاً يريدونَ تبليغه للعالم فَيَهْدُون الإنسان عن طريق بيانهم وقلمهم ، وقد وضع علم المعاني والبيان لتحقيق هذا الهدف ليستطاع إيصال الحقائق العلميّة والعقائديّة والدّينيّة بلسان طلق وتعبير سهل إلى كلّ عشّاق المعرفة والعطّاش للهداية والاستقامة .
وواضح أنّ إحدى علل نفوذ القرآن الكريم إلى أعماق المجتمع العربي الجاهلي وسائر المجتمعات هي بلاغته وفصاحته المنقطعة النّظير ، إذ البلاغة سبب أن تعطي المفاهيم والعقائد اللاّزمة للمجتمعات البشريّة بشكل واضح وبعبارات مشرقة لتنفِذَ إلى أعماق قلوبهم فيتقبّلُوها بكلِّ وُجودهم ، وهذا الكتاب يضع أمام الطّلاّب علوم المعاني والبيان والبديع بشكل واضح وسهل ، وهو يحوي المزايا التّالية :

15