و اكتف ومثله قدك وحسبك ولتضمّنهما معنى الأمر في أوّل أحوالهما ، استحقّا البناء ، ومثل قطَّ وقطك في أنّه يستعمل مثقلا ومخففا قولهم : بخ وبخ . قال محمد بن زيد : يقال : بخ بخ ، ويثقل أيضا كما قال في حسب بخ وعزاقس وأنشد غيره شعرا : < شعر > بين الأشجّ وبين قيس باذخ * بخ بخ الوالدة والمولود < / شعر > وقال أبو إسحاق الزيادي : الدّليل على أنّ مه ليس من قولك مهلا أنّه ليس في الدّنيا اسم انصرف وهو تام ، وامتنع من الصّرف وهو ناقص . فقال أبو عثمان المازني : بلى قطَّ المخففة ، زعم سيبويه أنّها مخففة من قولك قططته قطَّا ، قال : والدّليل على ذلك أنّ معنى قطَّ معنى حسب ، فهو لقطع الشيء يقوّي ما ذهب إليه أبو عثمان في هذا المعنى قولهم في حسب : بخ فأعربوه مثقلا وبنوه مخففا وتقول : جئت من فوق ، ومن تحت ، ومن أمام ومن دون ، فالضّم في جميع ذلك مستعمل على الوجه الذي بيّنته . فأما قولك : من عل فمعناه من فوق ، وفيه عدة لغات ذكرها أهل اللَّغة وسبيلها سبيل ما قدّمناه من أنّ جميعها في تقدير الإضافة ، فإذا حذفت المضاف إليه لم يخل من أن يكون معرفة أو نكرة ، فإن كان المحذوف نكرة تنكَّرت وأعربت وإن كان معرفة بنيت لأنّها بمنزلة اسم قد اكتفي ببعضه عن جميعه ، وبعض الاسم يبنى وهو ظاهر . و اعلم أنّ ل : إذ موضعا آخر غير ما ذكرنا ، وهو قولك : بينا زيد قائم إذ رأى عمروا . و بينما زيد قائم جاء عمرو ، فبينما عبارة عن حين ، والمعنى وقت أنا قائم جاء عمرو ، إلَّا أنّ بينما متمكَّنة فلها صدر الكلام بمنزلة مذ الذي يرفع الخبر . وكان الأصمعيّ يجرّبها المصدر خاصة وينشده : بينا تعتقه الكماة وروغه ، يريد حين يعتقه والنّحويون يخالفونه لأنّها مبهمة لا تضاف إلَّا إلى الجمل التي بيّنتها . وقال سيبويه : إذ يكون للمفاجأة إذا قلت : بينا أنا جالس إذ حضر عمرو ، وبينا أنا أكلَّم عمرو إذ طلع زيد . و كان الأصمعيّ وكثير من النّحويين يأبون وقوع إذ في هذا الموضع ، لأنّ معنى بينا الحين ، فإذا قلت : حين زيد قائم إذ طلع عمرو ، فلا معنى له إنّما الكلام حين زيد قائم طلع عمرو ، وإذ فضلة . قال أبو العبّاس : أشعار العرب على ذلك قال : < شعر > بينا نحن نرقبه أتانا * معلق وفضة وزنا دراع < / شعر > وقال امرؤ القيس : < شعر > فبينا نعاج يرتعين خميلة * كمشي العذارى في الملاء المهذّب فكان ينادينا وعقد عذارة * وقال صحابي قد شأونك فاطلب < / شعر >