سمّوه صيفا لأنّ المياه عندهم تغل فيه والكلأ يهيج ، وقد يسمّيه بعضهم الرّبيع الثّاني ، ثم يكون بعد فصل الصّيف فصل القيظ ، وهو الذي يسميّه النّاس الصّيف فأوّل وقت الرّبيع الأول عندهم وهو الخريف ثلاثة أيام تخلو من أيلول . وأول الشّتاء عندهم ثلاثة أيام تخلو من كانون الأوّل ، وأوّل الصّيف عندهم وهو الرّبيع الثّاني خمسة أيام من آذار ، وأوّل القيظ عندهم أربعة أيام تخلو من حزيران . والخريف المطر الذي يأتي في آخر القيظ ولا يكادون يجعلونه اسما للزّمان . و قال عدي بن زيد فجعله اسما للزّمان في خريف : < شعر > سقاه نوء من الدّلو تدلَّى * ولم يولَّيني العراقي < / شعر > وسماه خريفا ، لاختراف الثمار فيه والحطيئة ممن يجعله المطر وذكر امرأة فقال : و تبدو مصاب الخريف الجيالا . يريد أنّها تنقل إلى البدو لمصاب هذه المطرة ، فهذه حدود الأزمنة عندهم ، ثم يجعلون لكل زمان صميما يخلص فيه طبعه فيذكرون منه شهرين ويدعون شهرا لأنّ نصف شهر من أوله مقارب لطبع الزّمان الذي قبله ، ونصف شهر من آخره مقارب لطبع الزّمان الذي بعده ، فالخالص منه شهران فيسمّون شهريّ الشّتاء بالخالص شهري قماح قال الهذلي : < شعر > فتى ما ابن الأغر إذا شتونا * وحبّ الزّاد في شهري قماح < / شعر > وسميا بذلك لأن الإبل فيهما ترفع رؤوسها عن الماء لشدة برده والإبل القماح هي التي ترفع رؤوسها . وقال بشر يصف سفينة : < شعر > و نحن على جوانبها قعود * نغضّ الطَّرف كالإبل القماح < / شعر > والإبل إذا رفعت رؤوسها عن الماء غضّت أبصارها ، ويدعون هذين الشهّرين ملحان وشيبان لبياض الأرض بالصّقيع والجليد . وقال الكميت : < شعر > إذا أمست الآفاق حمرا جلودها * لملحان أو شيبان واليوم أشهب < / شعر > فهذان شهر الشّتاء فشيبان من الشّيب وملحان من الملحة وهي البياض وقيل كبش أملح منه . و قال قطرب : يقال لجمادى الأولى والآخرة شيبان وملحان من أجل بياض الثّلج ، قال : وقولهم مات الجندب وقرب الأشيب أي الثّلج ، ويسمّون شهري القيظ اللَّذين يخلص فيهما حره شهري ناجر وسمّيا بذلك لأنّ الإبل تشرب فلا تكاد تروى لشدّة الحر ، والنّجر والبغر متقاربان وهو أن يشرب فلا يروى من الماء يقال نجر من الماء إذا امتلأ منه فكظمه ،