responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قانون نویسنده : أبو علي سينا    جلد : 1  صفحه : 149


وفسادها وتغيرها عن الصلوح لامداد الحياة وهذا غير الوجه الأول وان كان يؤذى تأذية ذلك إلى الجفاف بان يفسد أولا الرطوبة ويخالف هيئة صلوحيتها لأبداننا ثم آخر الامر يتحلل عن التعفن فان العفونة تفيد أولا الرطوبة ثم تحللها وتذر الشئ اليابس الرمادي وهاتان الآفتان خارجتان عن الآفات اللاحقة من أسباب أخرى كالبرد المجمد والسموم وأنواع تفرق الاتصال المهلك وسائر الأمراض ولكن النوعين المذكورين أخص تسخينا هذا وأحرى ان نعتبرهما في حفظ الصحة وكل واحد منهما يقع من أسباب خارجة ومن أسباب باطنة أما الأسباب الخارجة فمثل الهواء المحلل والمعفن وأما الأسباب الباطنة فمثل الحرارة الغريزية التي فينا المحللة لرطوباتنا والحرارة الغريبة المتولدة فينا عن أغذيتنا وغيرها المتعفنة وهذه الأسباب كلها متعاونة على تجفيفنا بل أول استكمالنا وبلوغنا وتمكننا من أفاعيلنا يكون بجفاف كثير يعرض لنا ثم يستمر الجفاف إلى أن يتم ومذا الجفاف الذي يعرض لنا أمر ضروري لابد منه فانا من أول الامر ما نكون في غاية الرطوبة ويجب لا محالة ان تكون حرارتنا مستولية عليها والا احتقنت فيها فهي تفعل فيها لا محالة دائما وتجففها دائما ويكون أول ما يظهر من تجفيفها هو إلى الاعتدال ثم إذا بلغت أبداننا إلى الحد المعتدل من الجفاف والحرارة بحالها لا يكون التجفيف بقدر التجفيف الأول بل أقوى لان المادة أقل فهي أقبل فيؤدى لا محالة إلى أن يزداد التجفيف على المعتدل فلا يزال يزداد لا محالة إلى أن تفنى الرطوبات فتصير الحرارة الغريزية بالعرض سبب لاطفاء نفسها إذ صارت سببا لافناء مادتها كالسراج الذي يطفأ إذا فنيت مادته وكلما أخذ التجفيف في الزيادة أخذت الحرارة في النقصان فعرض دائما عجز مستمر إلى الامعان وعجز عن استبدل الرطوبة بدل ما يتحلل متزايد دائما فيزداد التجفيف من وجهين أحدهما لتناقص لحوق المادة والآخر لتناقص الرطوبة في نفسها بتحليل الحرارة فيزداد ضعف الحرارة لاستيلاء اليبوسة على جوهر الأعضاء ونقصان الرطوبة الغريزية التي هي كالمادة وكالدهن للسراج لان السراج له رطوبتان ماء ودهن يقوم بأحدهما وينطفئ بالآخر كذلك الحرارة الغريزية تقوم بالرطوبة الغريزية وتختنق بالغريبة وازدياد الرطوبة الغريبة التي هي عن ضعف الهضم التي هي كالرطوبة المائية للسراج فإذا تم الجفاف طفئت الحرارة وكان الموت الطبيعي وانما بقى البدن مدة بقائه لا لان الرطوبة الطبيعية الأولية قاومت تحليل حرارة العالم وحرارة بدنه في غريزته وما يحدث من حركاته هذه المقاومة المديدة فإنها أضعف مقاومة من ذلك لكن انما أقامها الاستبدال بدل ما يتحلل منها وهو الغذاء ثم قد بينا ان الغذاء انما تتصرف فيه القوة وتستعمله إلى حد وصناعة حفظ الصحة ليست صناعة تضمن الأمان عن الموت ولا تخلص البدن عن الآفات الخارجة ولا ان تبلغ بكل بدن غاية طول العمر الذي يحب الانسان مطلقا بل انما تضمن أمرين منع العفونة أصلا وحماية الرطوبة كي لا يسرع إليها التحلل وفي قوتها ان تبقى إلى مدة تقتضيها بحسب مزاجها الأول ويكون ذلك بالتدبير الصواب في استبدال البدن بدل ما يتحلل مقدار الممكن والتدبير المانع من استيلاء أسباب معجلة للتجفيف دون الأسباب الواجبة للتجفيف وبالتدبير المحرز عن تولد العفونة لحماية البدن وحراسته عن استيلاء حرارة غريبة خارجا أو داخلا إذ ليس الأبدان كلها متساوية في قوة الرطوبة الأصلية

149

نام کتاب : قانون نویسنده : أبو علي سينا    جلد : 1  صفحه : 149
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست