نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 85
واعلم أنه كما يرتفع من الأرض إلى الجو بخاران : أحدهما حار يابس ، والآخر حار رطب ، فينعقدان سحابا متراكما ، ويمنعان [1] أبصارنا من إدراك السماء - : فكذلك يرتفع من قعر المعدة إلى منتهاها مثل ذلك ، فيمنعان النظر ، ويتولد عنهما علل شتى . فإن قويت الطبيعة على ذلك ، ودفعته إلى الخياشيم : أحدث الزكام ، وإن دفعته إلى اللهاة والمنخرين : أحدث الخناق ، وإن دفعته إلى الجنب : أحدث الشوصة ، وإن دفعته إلى الصدر : أحدث النزلة ، وإن انحدر إلى القلب : أحدث الخبطة ، وإن دفعته إلى العين : أحدث رمدا ، وإن انحدر إلى الجوف : أحدث السيلان ، وإن دفعته إلى منازل الدماغ : أحدث النسيان ، وإن ترطبت أوعية الدماغ منه ، وامتلأت به عروقه . أحدث النوم الشديد . ولذلك كان النوم رطبا ، والسهر يابسا . وإن طلب البخار النفوذ من الرأس ، فلم يقدر عليه : أعقبه الصداع والسهر . وإن مال البخار إلى أحد شقى الرأس : أعقبه الشقيقة . وإن ملك قمة الرأس ووسط الهامة : أعقبه داء البيضة . وإن برد منه حجاب الدماغ أو سخن أو ترطب ، وهاجت منه أرياح : أحدث العطاس . وإن أهاج الرطوبة البلغمية فيه ، حتى غلب الحار الغريزي : أحدث الاغماء والسكتات [2] . وإن أهاج المرة السوداء ، حتى أظلم هواء الدماغ : أحدث الوسواس . وإن فاض ذلك إلى مجارى العصب : أحدث الصرع الطبيعي . وإن ترطبت مجامع عصب الرأس ، وفاض ذلك في مجاريه : أعقبه الفالج . وإن كان البخار من مرة صفراء ملتهبة محمية للدماغ : أحدث البرسام ، فإن شركه الصدر في ذلك : كان سرساما . فافهم هذا الفصل . والمقصود : أن أخلاط البدن والرأس تكون متحركة هابحة في حال الرمد ، والجماع مما يزيد حركتها وثورانها : فإنه حركة كلية للبدن والروح والطبيعة . فأما البدن فيسخن بالحركة لا محالة ، والنفس تشتد حركتها : طلبا للذة واستكمالها ، والروح تتحرك تبعا لحركة النفس والبدن . فإن [3] أول تعلق الروح من البدن بالقلب ، ومنه ينشأ الروح
[1] كذا بالزاد ( ص 98 ) . وفى الأصل : " يمنعان " . [2] كذا بالأصل والزاد . ولعله محرف عن " السكات " . [3] بالزاد 98 : " فإنه " وهو تحريف .
85
نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 85