نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 34
أراد هذا المعنى الذي ذكرتموه ، وأنه لا يمنع الخروج لعارض ، ولا يحبس مسافرا عن سفره . قيل : لم يقل أحد - طبيب ولا غيره - : إن الناس يتركون حركاتهم عند الطواعين ، ويصيرون بمنزلة الجمادات . وإنما ينبغي فيه التقليل [1] من الحركة بحسب الامكان . والفار منه لا موجب لحركته إلا مجرد الفرار منه ، ودعته وسكونه : أنفع لقلبه وبدنه ، وأقرب إلى توكله على الله تعالى واستسلامه لقضائه . وأما من لا يستغنى عن الحركة - : كالصناع ، والاجراء ، والمسافرين ، والبرد ، وغيرهم . - فلا يقال لهم : اتركوا حركاتكم جملة ، وإن أمروا : أن يتركوا منها ما لا حاجة لهم إليه : كحركة المسافر فارا منه . والله تعالى أعلم . وفى المنع من الدخول إلى الأرض التي قد وقع بها ، عدة حكم : ( أحدها ) : تجنب الأسباب المؤذية ، والبعد منها . ( الثاني ) : الاخذ بالعافية التي هي مادة المعاش والمعاد . ( الثالث ) : أن لا يستنشقوا الهواء الذي قد عفن وفسد ، فيمرضون . ( الرابع ) : أن لا يجاوروا المرضى الذين قد مرضوا بذلك ، فيحصل لهم بمجاورتهم ، من جنس أمراضهم . وفى سنن أبي داود مرفوعا : " إن من العرق التلف " [2] . قال ابن قتيبة : العرق : مداناة الوباء ، ومداناة المرضى . ( الخامس ) : حمية النفوس عن الطيرة والعدوي ، فإنها تتأثر بهما : فإن الطيرة على من تطير بها . وبالجملة ففي النهى عن الدخول في أرضه : الامر بالحذر والحمية ، والنهى عن التعرض لأسباب التلف . وفى النهى عن الفرار منه : الامر بالتوكل والتسليم والتفويض . فالأول تأديب وتعليم ، والثاني تفويض وتسليم . وفى الصحيح : " أن عمر بن الخطاب خرج إلى الشام ، حتى إذا كان بسرغ لقيه
[1] كذا بالأصل . وفى الزاد : " التقلل " . [2] وأخرجه أيضا : أحمد ، والبيهقي في شعب الايمان عن فروة بن مسيك . اه ق .
34
نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 34