نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 31
وفساد الهواء . كما يجعل لها تصرفا : عند غلبة بعض المواد الرديئة ، التي تحدث للنفوس هيئة رديئة ، ولا سيما : عند هيجان الدم والمرة السوداء ، وعند هيجان المنى . فإن الأرواح الشيطانية تتمكن من فعلها بصاحب هذه العوارض ، مالا تتمكن من غيره - : ما لم يدفعها دافع أقوى من هذه الأسباب : من الذكر والدعاء ، والابتهال والتضرع ، والصدقة ، وقراءة القرآن . فإنه يستنزل لذلك من الأرواح الملكية ، ما يقهر هذه الأرواح الخبيثة ، ويبطل شرها ، ويدفع تأثيرها . وقد جربنا - نحن وغيرنا - هذا مرارا لا يحصيها إلا الله ، ورأينا لاستنزال هذه الأرواح الطيبة ، واستجلاب قربها - تأثيرا عظيما : في تقوية الطبيعة ، ودفع المواد الرديئة . وهذا يكون قبل استحكامها وتمكنها . ولا يكاد يخرم . فمن وفقه الله : بادر عند إحساسه بأسباب الشر ، إلى هذه الأسباب : التي تدفعها عنه . وهى له من أنفع الدواء . وإذا أراد الله عز وجل إنفاذ قضائه وقدره : أغفل قلب العبد عن معرفتها وتصورها وإرادتها ، فلا يشعر بها ، ولا يريدها : ليقضى الله فيه أمرا كان مفعولا . وسنزيد هذا المعنى - إن شاء الله تعالى - إيضاحا وبيانا : عند الكلام على التداوي بالرقى والعوذ النبوية ، والاذكار والدعوات ، وفعل الخيرات . ونبين : أن نسبة طب الأطباء إلى هذا الطب النبوي ، كنسبة طب الطرقية والعجائز إلى طبهم . كما اعترف به حذاقهم وأئمتهم : ونبين : أن الطبيعة الانسانية أشد شئ انفعالا عن الأرواح ، وأن قوى العوذ [1] والرقى والدعوات فوق قوى الأدوية : حتى إنها تبطل قوى السموم القاتلة . والمقصود : أن فساد الهواء جزء من أجزاء السبب التام والعلة الفاعلة للطاعون ، وأن [2] فساد جوهر الهواء الموجب لحدوث الوباء . وفساده يكون لاستحالة جوهره إلى الرداءة : لغلبة إحدى الكيفيات الرديئة عليه ، كالعفونة والنتن والسمية ، في أي وقت كان من أوقات السنة ، وإن كان أكثر حدوثه : في أواخر الصيف ، وفى الخريف غالبا . لكثرة اجتماع
[1] جمع " عوذة " وهى الرقية . فعطف " الرقي " عليها للتفسير . وسميت " عوذة " : لأنها يعوذ بها المريض ، أي يمتنع من المرض . ! اه ق . [2] كذا بالأصل . وفى الزاد ( ص 76 ) : " فإن " ، وكل صحيح كما لا يخفى .
31
نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 31