responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيم الجوزية    جلد : 1  صفحه : 208


ولهذا قال بعض السلف : " العشق : حركة قلب فارغ " . يعنى : ( فارغا ) [1] مما سوى معشوقه . قال تعالى : ( وأصبح فؤاد أم موسى فارغا ، ان كادت لتبدى به ) ، أي :
فارغا من كل شئ إلا من موسى ، لفرط محبتها له ، وتعلق قلبها به ، والعشق مركب من أمرين : استحسان للمعشوق ، وطمع في الوصول إليه . فمتى انتفى أحدهما : انتفى العشق .
وقد أعيت علة العشق على كثير من العقلاء ، وتكلم فيها بعضهم بكلام يرغب عن ذكره إلى الصواب . فنقول : قد استقرت حكمة الله عز وجل - في خلقه وأمره - على وقوع التناسب والتآلف بين الأشباه ، وانجذاب الشئ إلى موافقه ومجانسه بالطبع ، وهروبه من مخالفه ونفرته عنه بالطبع . فسر التمازج والاتصال في العالم العلوي والسفلى ، إنما هو : التناسب والتشاكل والتوافق . وسر التباين والانفصال إنما هو . بعدم التشاكل والتناسب . وعلى ذلك تمام الخلق والامر . فالمثل [2] إلى مثله مائل وإليه صائر ، والضد عن ضده هارب وعنه نافر .
وقد قال تعالى : ( هو الذي خلقكم من نفس واحدة ، وجعل منها زوجها ليسكن إليها ) . فجعل سبحانه علة سكون الرجل إلى امرأته ، كونها من جنسه وجوهره . فعلة السكون المذكور - وهو الحب - : كونها منه . فدل على أن العلة ليست بحسن الصورة ، ولا الموافقة في القصد والإرادة ، ولا في الخلق والهدى . وإن كانت هذه أيضا من أسباب السكون والمحبة .
وقد ثبت في الصحيح ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : " الأرواح جنود مجندة ، فما تعارف منها ائتلف ، وما تناكر منها اختلف " . وفى مسند الإمام أحمد ، وغيره - في سبب هذا الحديث - : " أن امرأة بمكة ( كانت ) [3] تضحك الناس ، فجاءت إلى المدينة ، فنزلت على امرأة تضحك الناس . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : الأرواح جنود مجندة " الحديث .
وقد استقرت شريعته سبحانه : أن حكم الشئ حكم مثله ، فلا تفرق شريعته بين متماثلين أبدا ، ولا تجمع بين مضادين . ومن ظن خلاف ذلك : فإما لقلة علمه بالشريعة ،



[1] زيادة حسنة عن الزاد .
[2] كذا بالزاد 152 . وفى الأصل : والمثل . والمثبت أحسن .
[3] زيادة جيدة عن الزاد .

208

نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيم الجوزية    جلد : 1  صفحه : 208
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست