نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 176
قالوا : ونحن لا ننكر أن قوة الغذاء ومعظمه في الطعام ، وإنما أنكرنا أن لا يكون للماء تغذية البتة . قالوا : وأيضا الطعام إنما يغذى بما فيه : من المائية ، ولولاها لما حصلت به التغذية . قالوا : ولأن الماء مادة حياة الحيوان والنبات ، ولا ريب أن ما كان أقرب إلى مادة الشئ حصلت به التغذية ، فكيف إذا كانت مادته الأصلية ؟ ! قال الله تعالى : ( وجعلنا من الماء كل شئ حي [1] ) . فكيف ينكر [2] حصول التغذية بما هو مادة الحياة على الاطلاق ؟ ! . قالوا : وقد رأينا العطشان إذا حصل له الري بالماء البارد : تراجعت إليه قواه ونشاطه وحركته ، وصبر عن الطعام ، وانتفع بالقدر اليسير منه . ورأينا العطشان لا ينتفع بالقدر الكثير من الطعام ، ولا يجد به [3] القوة والاغتذاء . ونحن لا ننكر أن الماء ينفذ الغذاء إلى أجزاء البدن ، وإلى جميع الأعضاء ، وأنه لا يتم أمر الغذاء إلا به . وإنما ننكر على من سلبه قوة التغذية عنه البتة ، ويكاد قوله عندنا يدخل في إنكار الأمور الوجدانية . وأنكرت طائفة أخرى حصول التغذية به . واحتجت بأمور : يرجع حاصلها إلى عدم الاكتفاء به ، وأنه لا يقوم مقام الطعام ، وأنه لا يزيد في نمو الأعضاء ، ولا يخلف عليها بدل ما حللته الحرارة ، ونحو ذلك مما لا ينكره أصحاب التغذية ، فإنهم يجعلون تغذيته بحسب جوهره ولطافته ورقته ، وتغذية كل شئ بحسبه . وقد شوهد الهواء الرطب البارد اللين اللذيذ : يغذى بحسبه . والرائحة الطيبة : تغذى نوعا من الغذاء . فتغذية الماء أظهر وأظهر . والمقصود : أنه إذا كان باردا ، وخالط ما يحليه - : كالعسل أو الزبيب أو التمر أو السكر . - كان من أنفع ما يدخل البدن ، وحفظ عليه صحته . فلهذا كان أحب الشراب
[1] كذا بالزاد وسورة الأنبياء : ( 30 ) . وفى الأصل : حيا . وهو تصحيف ناشئ عن فهم أن جعل بمعنى صير ، مع أنها بمعنى خلق . [2] بالزاد : ننكر . [3] بالزاد : يحدثه . ولعل أصله : يحدث به .
176
نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 176