responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيم الجوزية    جلد : 1  صفحه : 167


وهذا كله مستفاد من قوله تعالى : ( وكلوا واشربوا ولا تسرفوا ) . فأرشد عباده إلى إدخال ما يقيم البدن : من الطعام والشراب ، عوض ما تحلل منه ، وأن يكون بقدر ما ينتفع به البدن : في الكمية والكيفية . فمتى جاوز ذلك : كان إسرافا . وكلاهما مانع من الصحة ، جالب للمرض . أعنى : عدم الأكل والشرب ، أو الاسراف فيه .
فحفظ الصحة كله في هاتين الكلمتين الإلهيتين . ولا ريب أن البدن دائما : في التحلل والاستخلاف ، وكلما كثر التحلل : ضعفت الحرارة لفناء مادتها ، فإن كثرة التحلل تفنى الرطوبة ، وهى مادة الحرارة ، وإذا ضعفت الحرارة : ضعف الهضم ، ولا يزال كذلك حتى تفنى الرطوبة ، وتنطفئ الحرارة جملة ، فيستكمل العبد الاجل الذي كتب الله له أن يصل إليه .
فغاية علاج الانسان لنفسه ولغيره : حراسة البدن إلى أن يصل إلى هذه الحالة ، لا أنه [1] يستلزم بقاء الحرارة والرطوبة اللتين بقاء الشباب والصحة والقوة بهما ، فإن هذا مما لم يحصل لبشر في هذه الدار . وإنما غاية الطبيب : أن يحمى الرطوبة عن مفسداتها من العفونة وغيرها ، ويحمى الحرارة عن مضعفاتها ، ويعدل بينهما بالعدل في التدبير الذي به قام بدن الانسان ، كما أن به قامت السماوات والأرض . وسائر المخلوقات إنما قوامها بالعدل .
ومن تأمل هدى النبي صلى الله عليه وسلم ، وجده أفضل هدى يمكن حفظ الصحة به . فإن حفظها موقوف على حسن تدبير المطعم والمشرب والملبس ( والمسكن ) [2] والهواء ، والنوم واليقظة ، والحركة والسكون ، والمنكح ، والاستفراغ والاحتباس . فإذا حصلت هذه على الوجه المعتدل الموافق الملائم للبدن والبلد والسن والعادة - : كان أقرب إلى دوام الصحة والعافية أو غلبتها إلى انقضاء الأجل .
ولما كانت الصحة من أجل نعم الله على عبده ، وأجزل عطاياه ، وأوفر منحه - بل



[1] كذا بالزاد 134 . وفى الأصل : لأنه . وهو تحريف .
[2] الزيادة عن الزاد 134 .

167

نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيم الجوزية    جلد : 1  صفحه : 167
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست