نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 149
وقالت هند بنت النعمان : " لقد رأيتنا : ونحن من أعز الناس وأشدهم ملكا ، ثم لم تغب الشمس حتى رأيتنا : ونحن أقل الناس . وإنه حق على الله : أن لا يملا دارا خيرة ، إلا ملاها عبرة " . وسألها رجل أن تحدثه عن أمرها ، فقالت : " أصبحنا ذات صباح : وما في العرب أحد إلا يرجونا ، ثم أمسينا : وما في العرب أحد إلا يرحمنا " . وبكت أختها حرقة بنت النعمان يوما - وهى في عزها - فقيل لها : ما يبكيك ؟ لعل أحدا آذاك ؟ قالت : لا ، ولكن رأيت غضارة في أهلي ، وقلما امتلأت دار سرورا ، إلا امتلأت حزنا " . قال إسحق بن طلحة : " دخلت عليها يوما ، فقلت لها : كيف رأيت عبرات الملوك ؟ فقالت : ما نحن فيه اليوم خير مما كنا فيه بالأمس [1] ، إنا نجد في الكتب : أنه ليس من أهل بيت يعيشون في خيرة ، إلا سيعقبون بعدها عبرة ، وإن الدهر لم يظهر لقوم بيوم يحبونه ، إلا بطن لهم بيوم يكرهونه . ثم قالت : فبينا نسوس الناس : والامر أمرنا * إذا نحن فيهم سوقة نتنصف فأف لدنيا لا يدوم نعيمها : * تقلب تارات بنا ، وتصرف " . ومن علاجها : أن يعلم أن الجزع لا يردها ، بل يضاعفها . وهو في الحقيقة من تزايد المرض . ومن علاجها : أن يعلم أن فوت ثواب الصبر والتسليم - وهو من [2] الصلاة والرحمة والهداية التي ضمنها الله على الصبر والاسترجاع - أعظم من المصيبة في الحقيقة . ومن علاجها : أن يعلم أن الجزع يشمت عدوه ، ويسئ صديقه ، ويغضب ربه ، ويسر شيطانه ، ويحبط أجره ، ويضعف نفسه . وإذا صبر واحتسب : أقصى شيطانه ، ورده خاسئا ، وأرضى ربه ، وسر صديقه ، وساء عدوه ، وحمل عن إخوانه ، وعزاهم هو