نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 135
وتوصله إلى الملسوع ، فإذا قتلت : خف الألم . وهذا مشاهد : وإن كان من أسبابه فرح الملسوع واشتفاء نفسه بقتل عدوه ، فتقوى الطبيعة على الألم فتدفعه . وبالجملة : غسل العائن يذهب تلك الكيفية التي ظهرت منه ، وإنما ينفع غسله عند تكيف نفسه بتلك الكيفية . فإن قيل : فقد ظهرت مناسبة الغسل ، فما مناسبة صب ذلك الماء على المعين ؟ . قيل : هو في غاية المناسبة . فإن ذلك الماء [1] أطفأ تلك النارية ، وأبطل تلك الكيفية الرديئة من الفاعل ، فكما طفئت به النار [2] القائمة بالفاعل ، طفئت به وأبطلت عن المحل المتأثر ، بعد ملابسته للمؤثر العائن . والماء الذي يطفأ به الحديد ، يدخل في أدوية عدة طبيعية ذكرها الأطباء . فهذا الذي طفئ به نارية العائن . لا يستنكر أن يدخل في دواء يناسب هذا الدواء . وبالجملة فطب الطبائعية وعلاجهم بالنسبة إلى العلاج النبوي ، كطب الطرقية بالنسبة إلى طبهم ، بل أقل . فإن التفاوت الذي بينهم وبين الأنبياء أعظم وأعظم من التفاوت الذي بينهم وبين الطرقية ، بما لا يدرك الانسان مقداره . فقد ظهر لك عقد الاخاء الذي بين الحكمة والشرع ، وعدم مناقضة أحدهما للآخر . والله يهدى من يشاء إلى الصواب ، ويفتح لمن أدام قرع باب التوفيق منه كل باب . وله النعمة السابقة ، والحجة البالغة . ( فصل ) ومن علاج ذلك أيضا والاحتراز منه : ستر محاسن من يخاف عليه العين ، بما يردها عنه . كما ذكر البغوي في كتاب شرح السنة : " أن عثمان رضي الله عنه ، رأى صبيا مليحا ، فقال : دسموا نونته لئلا تصيبه العين " ، ثم قال في تفسيره : ومعنى " دسموا نونته " أي : سودوا نونته ، والنونة : النقرة التي تكون في ذقن الصبى الصغير . وقال الخطابي في غريب الحديث له : " عن عثمان أنه رأى صبيا تأخذه العين ، فقال : دسموا نونته . فقال أبو عمرو : سألت أحمد بن يحيى عنه ، فقال : أراد بالنونة النقرة التي في ذقنه ، والتدسيم : التسويد . أراد : سودوا ذلك الموضع من ذقنه ، ليرد العين . قال : ومن هذا حديث عائشة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، خطب ذات يوم وعلى رأسه عمامة دسماء ، أي : سوداء " ، أراد الاستشهاد على [3] اللفظة . ومن هذا أخذ الشاعر قوله :
[1] في الزاد 120 : الماء ماء طفئ به تلك النارية [2] بالزاد : النارية . [3] كذا بالزاد . وفى الأصل : عن . وهو تصحيف .
135
نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 135