نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 125
واللحم ، فيتعفن بالرطوبة الدموية في البشرة بعد خروجها من المسام ، فيكون منه القمل ، وأكثر ما يكون ذلك : بعد العلل والأسقام ، بسبب الأوساخ . وإنما كان في رؤوس الصبيان أكثر : لكثرة رطوباتهم ، وتعاطيهم الأسباب التي تولد القمل . ولذلك حلق النبي صلى الله عليه وسلم رؤوس بنى جعفر . ومن أكبر علاجه : حلق الرأس لينفتح مسام الأبخرة ، فتتصاعد الأبخرة الرديئة ، فتضعف مادة الخلط . وينبغي أن يطلى الرأس بعد ذلك ، بالأدوية التي تقتل القمل وتمنع تولده . وحلق الرأس ثلاثة أنواع أحدها [1] نسك وقربة ، والثاني بدعة وشرك ، والثالث حاجة ودواء . ( فالأول ) : الحلق في أحد النسكين : الحج أو العمرة . ( والثاني ) : حلق الرأس لغير الله سبحانه . كما يحلقها المريدون لشيوخهم ، فيقول أحدهم : أنا حلقت رأسي لفلان ، وأنت حلقته لفلان . وهذا بمنزلة أن يقول : سجدت لفلان . فإن حلق الرأس خضوع وعبودية وذل ، ولهذا كان من تمام الحج . حتى إنه عند الشافعي - رحمه الله - ركن من أركانه : لا يتم إلا به . فإنه وضع النواصي بين يدي ربها : خضوعا لعظمته ، وتذللا لعزته . وهو من أبلغ أنواع العبودية . ولهذا كانت العرب : إذا أرادت إذلال الأسير منهم وعتقه ، حلقوا رأسه وأطلقوه . فجاء شيوخ الضلال والمزاحمون للربوبية - الذين أساس مشيختهم على الشرك والبدعة - فأرادوا من مريديهم أن يتعبدوا لهم ، فزينوا لهم ( حلق رؤوسهم لهم ) [2] كما زينوا لهم السجود لهم ، وسموه بغير اسمه ، وقالوا : هو وضع الرأس بين يدي الشيخ . ولعمر الله : إن السجود لله هو : وضع الرأس بين يديه سبحانه . وزينوا لهم : أن ينذروا لهم ، ويتوبوا لهم ، ويحلفوا بأسمائهم . وهذا هو اتخاذهم أربابا وآلهة من دون الله . قال تعالى : ( ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ، ثم يقول للناس : كونوا عبادا لي من دون الله ، ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم
[1] كذا بالزاد 115 . وفى الأصل : أحدهما . وهو تحريف . [2] زيادة متعينة عن الزاد .
125
نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 125