نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 123
عليهم طيبات أحلت لهم ) . وإنما حرم على هذه الأمة ما حرم ، لخبثه . وتحريمه له حمية لهم ، وصيانة عن تناوله . فلا يناسب أن يطلب به الشفاء من الأسقام والعلل ، فإنه وإن أثر في إزالتها ، لكنه يعقب سقما أعظم منه في القلب ، بقوة الخبث الذي فيه . فيكون المداوى به قد سعى في إزالة سقم البدن ، بسقم القلب . وأيضا : فإن تحريمه يقتضى تجنبه والبعد [1] عنه بكل طريق ، وفى اتخاذه دواء حض على الترغيب فيه وملابسته . وهذا ضد مقصود الشارع . وأيضا : فإنه داء كما نص عليه صاحب الشريعة ، فلا يجوز أن يتخذ دواء . وأيضا : فإنه يكسب الطبيعة والروح صفة الخبث ، لان الطبيعة تنفعل عن كيفية الدواء انفعالا بينا . فإذا كانت كيفيته [2] خبيثة : أكسب الطبيعة منه خبثا ، فكيف إذا كان خبيثا في ذاته ! . ولهذا حرم الله سبحانه على عباده الأغذية والأشربة والملابس الخبيثة ، لما تكتسب النفس : من هيأة الخبث وصفته . وأيضا : فإن في إباحة التداوي به ، ولا سيما إذا كانت النفوس تميل إليه ، ذريعة إلى تناوله للشهوة [3] واللذة ، لا سيما إذا عرفت النفوس أنه نافع لها ، مزيل لاسقامها ، جالب لشفائها . فهذا أحب شئ إليها . والشارع سد الذريعة إلى تناوله بكل ممكن . ولا ريب أن بين سد الذريعة إلى تناوله ، وفتح الذريعة إلى تناوله - تناقضا وتعارضا . وأيضا : فإن في هذا الدواء المحرم من الأدواء ، ما يزيد على ما يظن فيه من الشفاء . وليفرض الكلام في أم الخبائث التي ما جعل الله لنا فيها شفاء قط : فإنها شديدة المضرة بالدماغ الذي هو مركز العقل عند الأطباء وكثير من الفقهاء والمتكلمين . قال أبقراط في أثناء كلامه في الأمراض الحادة : " ضرر الخمرة بالرأس شديد : لأنه يسرع الارتفاع إليه ، ويرتفع بارتفاعه الاخلاط التي تعلو في البدن . وهو لذلك [4] يضر بالذهن " . وقال صاحب الكامل : " إن خاصية الشراب الاضرار بالدماغ والعصب " .
[1] كذا بالزاد 114 . وفى الأصل : وابعد . وهو تصحيف . [2] بالأصل كيفية . وهو تصحيف . والتصحيح من عبارة الزاد : كيفيته . اكتسبت . [3] كذا بالزاد . وفى الأصل : تناول الشهوة . ولعله تحريف . [4] بالزاد 115 : كذلك .
123
نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 123