نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 10
الدواء ، إلا وضع له دواء . فلا يدخل في هذا [1] الأدواء التي لا تقبل الدواء . وهذا كقوله تعالى في الريح التي سلطها على قوم عاد : ( تدمر كل شئ بأمر ربها ) أي : كل شئ يقبل التدمير ، ومن شأن الريح أن تدمره . ونظائره كثيرة . ومن تأمل خلق الأضداد في هذا العالم ، ومقاومة بعضها لبعض ، ودفع بعضها ببعض ، وتسليط بعضها على بعض - : تبين له كمال قدرة الرب تعالى وحكمته وإتقانه ما صنعه ، وتفرده بالربوبية والوحدانية والقهر ، وأن كل ما سواه فله ما يضاده ويمانعه ، كما أنه الغنى بذاته ، وكل ما سواه محتاج بذاته . وفى هذه الأحاديث الصحيحة : الامر بالتداوي ، وأنه لا ينافي التوكل : كما لا ينافيه دفع داء الجوع والعطش والحر والبرد بأضدادها ، بل لا يتم حقيقة التوحيد إلا بمباشرة الأسباب التي نصبها الله مقتضيات [2] لمسبباتها قدرا وشرعا . وإن تعطيلها يقدح في نفس التوكل ، كما يقدح في الامر والحكمة ، ويضعفه من حيث يظن معطلها : أن تركها أقوى في التوكل . فإن تركها عجزا ينافي التوكل الذي حقيقته : اعتماد القلب على الله في حصول ما ينفع العبد في دينه ودنياه ، ودفع ما يضره في دينه ودنياه . ولابد مع هذا الاعتماد من مباشرة الأسباب ، وإلا : كان معطلا للحكمة والشرع . فلا يجعل العبد عجزه توكلا ، ولا توكله عجزا . وفيها : رد على من أنكر التداوي ، وقال : إن كان الشفاء قد قدر فالتداوي لا يفيد ، وإن لم يكن قدر فكذلك . وأيضا : فإن المرض حصل بقدر الله ، وقدر الله لا يدفع ولا يرد . وهذا السؤال هو الذي أورده الاعراب على رسول الله صلى الله عليه وسلم . وأما أفاضل الصحابة : فأعلم بالله وحكمته وصفاته ، من أن يوردوا مثل هذا .
[1] كذا بالزاد ، وهو الظاهر . وفى الأصل : " هذه " . [2] في الزاد زيادة بعد ذلك ، هي : " معطلها أن تركها " . وهى مقدمة عن موضعها ، وساقطة منه فيه .
10
نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 10