نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 96
والمقصود : أن ماء الشعير مطبوخا صحاحا ، ينفذ سريعا ، ويجلو جلاء ظاهرا ، ويغذى غذاء لطيفا . وإذا شرب حارا : كان إجلاؤه أقوى ، ونفوذه أسرع ، وإنماؤه للحرارة الغريزية أكثر ، وتلميسه لسطوح المعدة أوفق . وقوله صلى الله عليه وسلم : " فيها مجمة لفؤاد المريض " ، يروى بوجهين : بفتح الميم والجيم ، وبضم الميم وكسر الجيم . والأول أشهر . ومعناه : أنها مريحة له ، أي تريحه وتسكنه . من " الاجمام " وهو : الراحة . وقوله : " ويذهب ببعض الحزن " ، هذا - والله أعلم - : لان الغم والحزن يبردان المزاج ، ويضعفان الحرارة الغريزية : لميل الروح الحامل لها إلى جهة القلب ، الذي هو منشؤها . وهذا الحساء يقوى [1] الحرارة الغريزية : بزيادته في مادتها ، فتزيل أكثر ما عرض له : من الغم والحزن . وقد يقال - وهو أقرب : إنها تذهب ببعض الحزن ، بخاصية فيها من جنس خواص الأغذية المفرحة . فإن من الأغذية ما يفرح بالخاصية . والله أعلم . وقد يقال : إن قوى الحزين تضعف باستيلاء اليبس على أعضائه ، وعلى معدته خاصة ، لتقليل الغذاء . وهذا الحساء يرطبها ويقويها ويغذيها ، ويفعل مثل ذلك بفؤاد المريض . لكن المريض كثيرا ما يجتمع في معدته خلط مراري أو بلغمي أو صديدي ، وهذا الحساء يجلو ذلك عن المعدة ويسروه ، ويحدره [2] ويميعه ، ويعدل كيفيته ، ويكسر سورته - فيريحها ، ولا سيما لمن عادته الاغتذاء بخبز الشعير . وهى عادة أهل المدينة إذ ذاك . وكان هو غالب قوتهم ، وكانت الحنطة عزيزة عندهم . والله أعلم . فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في علاج السم الذي أصابه بخيبر من اليهود ذكر عبد الرزاق - عن معمر ، عن الزهري ، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك - : .