الجنديشابوريين منهم ، كما أرادوا هم لأنفسهم وأراد لهم الحكام المتسلطون . وقد كان العلماء يلومون الخلفاء والوزراء في تعظيمهم النصارى للتطبب ، كما قدمنا . . ولكننا لو راجعنا الوقائع التاريخية ، وأردنا أن نحكم عليها حكم المنصف والمتجرد عن كل هوى وتعصب ، فإننا نجد : أنه لم يكن لدى الأطباء غير المسلمين تلك البراعة الخارقة للعادة في صناعة الطب ، وإن كان لهم الفضل في نقل تراث الأمم الأخرى إلى لغة الإسلام . . وكمثال على ذلك نذكر : أن سلمويه يعتبر يوحنا بن ماسويه مثلاً وهو اشهر طبيب في عهد المأمون من أجهل خلق الله بمقدار الداء والدواء [1] . كما أن أبا قريش [2] قد كان عند المهدي : « نظير جرجس بن جبرائيل في المرتبة ، بل أكبر منه حتى تقدمه في المرتبة ، وتوفي المهدي واستخلف هارون الرشيد ، وتوفي جرجس ، وسار ابنه [ أي بختيشوع ] تبع أبي قريش في خدمة الرشيد » [3] . ولكن التجليل والتعظيم ، والصيت الواسع كان لبختيشوع ، دون أبي
[1] تاريخ الحكماء ص 385 وعيون الأنباء ص 237 . [2] يقال : إن المهدي كناه بهذا إشارة إلى عظمته التي جعلته بمنزلة أب للعرب كلهم حين يكون أباً لقريش - راجع عيون الأنباء ص 216 . [3] عيون الأنباء ص 216 .