ثم هناك حكاية الرجل الذي بنى قصراً ، ثم صنع طعاماً ، فدعا إليه الأغنياء ، وترك الفقراء ، فإذا جاء الفقير قيل له : إن هذا الطعام لم يصنع لك ، ولا لأشباهك . . فجاء ملكان في زي الفقراء فمنعا ، ثم جاءا في زي الأغنياء فسمح لهما بالدخول ، فأمرهما الله بخسف المدينة بمن فيها [1] . والروايات في مدح الفقراء ، ومحبة الله لهم ، وأنه ينبغي الاهتمام بشأنهم وملاحظة أحوالهم كثيرة . وأخيراً . . فإن حكم العقل ، والفطرة ، والأخلاق الفاضلة ، لا يفرق بين غني ، وفقير ، ولا بين كبير وصغير . . هذا . . إن لم نقل أن إكرام الغني لغناه ليس فيه إكرام للإنسان والإنسانية ، بل هو يعبر عن رذالة في الطبع ، وخسة في النفس ، وانحطاط أخلاقي مرعب وخطير . وإذا كان الفقير يعاني في أحيان كثيرة من الآلام النفسية أكثر من الجسدية حيث إنه يشعر بعقدة الفقر الذي ربما يتحول إلى حقد ، ثم من عقدة الخوف من عدم تمكنه من الحصول على أدنى ما يجب الحصول عليه - إذا كان كذلك - فإن القربة إلى الله تعالى تكون في مساعدته أكثر ، والنتيجة التي تترتب على هذه المساعدة أعظم وأكبر . وقال علي بن العباس : إن على الطبيب : « أن يجدّ في معالجة المرضى ، ولا سيما الفقراء منهم ، ولا يفكر في الانتفاع المادي ، وأخذ الأجرة من هذه الفئة ، بل إذا استطاع أن يقدم لهم الدواء من كيسه هو فليفعل ، وإذا لم يفعل فليجدّ في معالجتهم ليلاً ونهاراً ، ويحضر إلى معالجتهم في كل