ويكفي أن نذكر : أن الله تعالى قد اعتبر الإسلام نعمة أنعم الله بها على العباد ، وقد أتم نعمته هذه بتنصيب علي ( عليه السلام ) إماماً وقائداً في يوم الغدير ، قال تعالى : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ) [1] . حق التشريع . . لمن ؟ ! : وإذا كان الله تعالى هو الخالق والمالك لهذا الكون والإنسان ، والخبير به والمطلع على كل ما فيه من علاقات وروابط ، والعارف بما يصلحه مما يفسده ، فإنه سيكون هو فقط الذي يملك حق وضع قانون وتشريع يؤمن لهذا الإنسان سعادته وكماله ، ويهيمن على كل حالاته وسلوكه . وكل من يتصدى لهذا الأمر سوى المولى سبحانه وتعالى ، ممن لا يعرف عن هذا الكون والإنسان شيئاً يذكر ، فإنه يكون خارجاً عن جادة الإنصاف ، وعن مقتضيات العقل ، والفطرة . . بل وظالماً ومتعدياً أيضاً . . ولن يستطيع أن يضع النظام الكامل والشامل ، والمطابق لكل مقتضيات وأحوال هذا الإنسان إن لم نقل : إنه سيضع في كثير من الأحيان ما يؤدي إلى شقائه وبلائه ، إن لم يكن إلى دماره وهلاكه . وكمثال على ذلك نقول : لو أن شخصاً اخترع آلة في غاية الدقة والتعقيد وتتأثر بما حولها تأثرات مختلفة ، فهل يحق لمن لا يعرف حقيقة تركيبها ، وخصائصها : أن يمنع مخترعها عن التصرف فيها ، وعن أن يضع لها نظاماً يحفظ لها سلامتها واستمرارها ، ويحافظ على كل دقائقها وخصائصها ؟ ثم يتصدى هو - ذلك الجاهل بها وبكل شيء عنها ، أو بأكثره - لوضع ذلك النظام