امتحان الصيدلة : ولقد كان الصيادلة كثاراً ، وشاع الغش منهم في الأدوية ، فدعت الضرورة إلى امتحانهم ، وإعطاء الإجازات أو المنشورات إلى من تثبت أهليته وأمانته وحرمان الآخرين ، ومنعهم من مزاولة هذه الصنعة . وقد التفتوا إلى هذا الأمر في وقت مبكر ، أي من زمن المأمون ، الذي كتب اسماً لا يعرف ولا واقع له ، وأرسله إلى الصيادلة ليبتاع منهم ، فكلهم ذكر : أن هذا الدواء عنده ، وأخذ الدواء وأعطاه شيئاً من حانوته ، فصاروا إلى المأمون بأشياء مختلفة ، فمنهم من أتى ببعض البزور ، ومنهم من أتى بقطعة من حجر ، ومنهم من أتى بوبر . وفي زمن المعتصم قال الافشين لزكريا الطيفوري : « يا زكريا ضبط هؤلاء الصيادلة عندي أولى ما تقدم فيه ، فامتحنهم ، حتى نعرف الناصح منهم من غيره ، ومن له دين ، ومن لا دين له » . فامتحنهم الأفشين بمحنة المأمون ، فوقعوا فيما وقعوا فيه أولاً ، فكانت النتيجة أن نفى الأفشين من وقع في الفخ عن العسكر ، ونادى المنادي بنفيهم وبإباحة دم من وجد منهم في عسكره [1] .
[1] راجع : عيون الأنباء ص 224 / 225 ، وتاريخ الحكماء ص 188 / 189 ، وتاريخ التمدن الإسلامي ، المجلد الثاني ص 201 عن ابن العبري ، وراجع مختصر تاريخ الدول ص 140 / 141 .