responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نقض فتاوي الوهابية نویسنده : الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء    جلد : 1  صفحه : 36


والإنس إلا ليعبدون ) [38] .
فالعبادة معناها كلفظها مشتقة من العبودية ، وهي شأن من شؤونها وأثر من آثارها ، فإن العبودية قضت على العبد حفظا لاستدامة تلك النعمة ، بل النعم الجمة وامتدادها أبديا أن يقف العبد موقف الإذعان والاعتراف بها لوليها ومولاها ، فكما أنه في موطن الحق والواقع عدما صرفا وعجزا محضا ولا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ، ولا موتا ولا حياة ، كذلك يكون في موطن الخارج والظاهر ماثلا بين يدي مولاه في غاية الخضوع والذلة ، والعجز والحاجة .
فالعبادة حقيقة هي التظاهر بتلك العبودية الحقيقية باستعمال أقصى مراتب الخضوع في الظاهر بجميع القوى والمشاعر مقرونا باستحضار تلك الجوهرة المكنونة ، والدرة الثمينة - جوهرة العبودية - وأني أخضع وأخشع ، وأسجد وأعبد ، ذلك المنعم الذي أنعم علي بنعمة الحياة ، وأسبغ على جلابيب الوجود ، فصرت بتلك النعم مغمورا ، بعد أن أتى علي حين من الدهر لم أكن فيه شيئا مذكورا .
إذا فالعبادة على الحقيقة هي كون العبد في مقام الاعتراف والاذعان بالعبودية مقرونا بما يليق بها من استعمال ما يدل على أقصى مراتب الخضوع ، والذلة بالسجود والركوع ، والهرولة والطواف ، وغير ذلك مما وصفته الشرائع ، وأوعزت إليه الأديان من معلوم الحكمة ومجهولها ، ومبهم الحقيقة أو معقولها .
تلك هي العبادة الحقيقية ، غايته أن عامة الناس قصرت أفكارهم عن اجتناء ذلك اللب واقتصروا على القشور من العبادة ، اللهم إلا أن يكون ذلك مرتكزا في أعماق نفوسهم على الإجمال في المقصود ، دون التفصيل والاستحضار والشهود ، وكيف كان الحال ، فهل تحس أن أحدا من زوار القبور والمتوسلين بأربابها يقصد أن القبر الذي يطوف حوله ، أو صاحبه الملحود فيه هو صانعه وخالقه ، وأنه بزيارته يريد أن يتظاهر بالعبودية له فتكون عبادة له ؟ ! أو أن أحدا من الزائرين يقول للقبر - أو لمن فيه - : يا خالقي ويا رازقي ويا معبودي ؟ !



[38] الذريات : 56 .

36

نام کتاب : نقض فتاوي الوهابية نویسنده : الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء    جلد : 1  صفحه : 36
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست