كلية مذهب الوهابية وخلاصة القول فيه إن أول من نثر في أرض الإسلام المقدسة تلك البذور السامة والجراثيم المهلكة ، هو أحمد بن تيمية في أخريات القرن السابع من الهجرة ، ولما أحس أهل ذلك القرن - بفضل كفاءتهم - أن جميع تعاليمه ومبادئه شر وبلاء على الإسلام والمسلمين يجر عليهم الويلات ، وأي شر وبلاء أعظم من تكفير قاطبة المسلمين على اختلاف نزعاتهم ! أخذ وحبس برهة ثم قتل . ولكن بقيت تلك البذور دفينة تراب ، وكمينة بلاء وعذاب ، حتى انطوت ثلاثة قرون ، بل أكثر ، فنبغ ، بل نزع محمد بن عبد الوهاب فنبش تلك الدفائن ، واستخرج هاتيك الكوامن ، وسقى تلك الجراثيم المائتة بل المميتة ، والبذور المهلكة ، فسقاها بمياه من تزويق لسانه وزخرف بيانه ، فأثمرت ولكن بقطف النفوس وقطع الرؤوس وهلاك الإسلام والمسلمين ، وراجت تلك السلعة الكاسدة ، والأوهام الفاسدة ، على أمراء نجد واتخذوها ظهيرا لما اعتادوا عليه من شن الغارات ، ومداومة الحروب والغزوات من بعضهم على بعض وقد نهاهم الفرقان المبين والسنة النبوية عن تلك العادات الوحشية ، والأخلاق الجاهلية ، بملء فمه وجوامع كلمه ، وقد عقد بينهم الأخوة الإسلامية ، والمودة الايمانية وقال : ( مال المؤمن على المؤمن حرام كحرمة دمه وعرضه ) [34] وقال جل من قائل : ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا ) [35] ، أراد الله سبحانه أن يجعلهم فيما بينهم إخوانا وعلى العدو أعوانا ، أراد أن يكونوا يدا واحدة للاستظهار على الأغيار من أعداء الإسلام ، فنقض ابن عبد الوهاب تلك القاعدة الأساسية
[34] مضمون الحديث ورد في الكافي 2 / 268 ح 2 ، من لا يحضره الفقيه 4 / 300 ح 909 ، مستدرك الوسائل 9 / 136 ح 10478 ، المؤمن : 72 ح 199 . [35] النساء : 94 .