أحدهما : أن تلك الطائفة الأخرى قد لا يكون فيها من البدعة أعظم مما في الطائفة المكفرة لها . بل ، قد تكون بدعة الطائفة المكفرة لها أعظم من بدعة الطائفة المكفرة ، وقد تكون نحوها ، وقد تكون دونها . وهذا حال عامة أهل البدع والأهواء الذين يكفرون بعضهم بعضا . وهؤلاء من الذين قال الله فيهم { إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شئ } [1] . الثاني : أنه لو فرض أن إحدى الطائفتين مختصة بالبدعة ، والأخرى موافقة للسنة ، لم يكن لهذه [ الموافقة ل ] السنة أن تكفر كل من قال قولا أخطأ فيه . فإن الله تعالى قال : { ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا } [2] . وثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى قال : قد فعلت . وقال تعالى : { وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم } [3] . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : إن الله تجاوز عن أمتي عن الخطأ ، والنسيان ، وما استكرهوا عليه . وهو حديث حسن ، رواه ابن ماجة [4] وغيره . وقد أجمع الصحابة ، والتابعون لهم بإحسان ، وسائر أئمة المسلمين على أنه ليس كل من قال قولا أخطأ فيه أنه يكفر بذلك ، ولو كان قوله مخالفا للسنة . ولكن للناس نزاع في مسائل التكفير ، قد بسطت في غير هذا الموضع . وقال الشيخ رحمه الله أيضا : الخوارج لهم خاصيتان مشهورتان ، فارقوا بها جماعة