ولا يثبت بها شيءٌ من الخمسة سوى الاستحباب ، لاستناده إلى هذا الحديث الشريف ومؤيّداته كما عرفت . وذهب بعض المتبحَرين من المتأخِّرين إلى العمل بجميع ما وَرَدَ في الكُتُب المشهورة مُطلقاً ، مدّعياً حصول العلم العادي حَيْثُ قال : إنّا نعلم عادةً أنّ الإمام ثقة الإسلام محمّد بن يعقوب الكليني ، وسيّدنا الأجلّ المرتضى ، وشيخنا الصدوق ، ورئيس الطائفة قدّس الله أرواحهم لم يفتروا في أخبارهم بأنّ أحاديث كُتُبنا صحيحةٌ ، أو بأنّها مأخوذة من الاُصول المجمع عليها . ومن المعلوم أنّ هذا القدر من القطع العادي كاف في جواز العمل بتلك الأحاديث ( 1 ) . انتهى تكلّفُه . ولا يخفى تعسّفه ، لأنّ الشيخ نوّر الله مرقده لم يصرّح بصحّة الأحاديث كلّها بل ادّعى الإجماع على جواز العمل بها ( 2 ) . وأنت خبيرٌ بما في الإجماع الّذي يدّعيه ( رحمه الله ) من الخلل والنزاع ، وأنّ سيّدنا ( رضي الله عنه ) قد صرّح بأنّ أكثر كُتُبنا المرويّة عن الأئمّة - صلوات الله عليهم - معلومة مقطوع في صحّتها ( 3 ) ، لا أنّهُ قد ادّعى صحّة جميعها ، وأنّ الثقة محمّد بن يعقوب روّح الله روَحُه لم يكن كلامَه بذلك الصريح ( 4 ) . فلو كان ، فمن باب الترغيب والاستدعاء إلى الأخذ بما ألَّفَهُ . وتَصْريحُ الصدوق قدس الله روحه في ذلك ( 5 ) مبنّي على ما أدّى إليه رأيه واعتقاده الصحَّة بزعمه ، فلا ينهض حُجّةً على غيره قطعاً .
1 . حكاه عن فرد من المتأخّرين في جامع المقال : 15 . 2 . عدّة الاُصول 1 : 337 - 338 . 3 . حكاه عنه في منتقى الجمان 1 : 2 - 3 . 4 . انظر الكافي 1 : 8 - 9 . 5 . الفقيه 1 : 3 .