ولكن انكلترا بالتعاون مع عملائها ، خصوصا دعاة الطائفية الوهابية الذين غذتهم ، وأيدتهم ، قد نجحت في القضاء على فكرة الخلافة والإمامة في الجزيرة العربية التي من لوازمها إقامة الوحدة العربية والإسلامية بتمامية الانقلاب الوهابي الانفصالي ، وإقامة الحكوم المتسمية بالسعودية [1] . وفي هذه الأجواء المحمومة التي فجرها مصطفى كمال ضد الإسلام والمسلمين وبينما كان يعمل لواء العصبية الطورانية في تركيا ، وتثيرها في عروق الأتراك ضد العرب ، ويقضي بالموت البطئ على نفوذ الخلافة العثمانية في نفس هذا الوقت ، حمل الوهابيون في نجد والحجاز لواء العصبية المذهبية ضد المسلمين باستحلالهم دماءهم ، وتوجيه بأسهم ، وسطوتهم ، وأفواه بنادقهم كلها إلى قتالهم خاصة ، وغزوهم كلما سنحت لهم فرصة ، وقتلهم بأنواع الغدر والبغي [2] . وقد كشفت الأحداث ، وأثبتت الوقائع أنهم كانوا يقومون بكل هذه الفظائع بتأييد من بريطانيا العظمى آنذاك ، عدوة المسلمين الأولى ، وأداة الصهيونية
[1] في هذه التسمية أيضا رمز انفصالي يعرفه الخبراء بالسياسة فالرسول الأعظم ومؤسس الحكومة الإسلامية وزعيمها الأول لم يسم تلك الحكومة باسم الشريف أو باسم العرب ، مع أن الإنسانية بجميع مبادئها الفاضلة ومفاخرها تفتخر باسمه الرفيع وهذه الأسامي تؤكد انفصال مسمياتها من البلاد عن غيرها ، وترمز إلى الاحتفاظ بحكومات ما قامت إلا على الغلبة والاستيثار واستعباد الناس ، وتمنح بعنوانها واسمها عن اتحادها مع غيرها . فالحكومة الهاشمية مع بقائها بهذه الشخصية لا يمكن أن تتحد مع السعودية ، وهي مع جمهورية كذا ، وحكومة اشتراكية كذا فما الإسلام وما حكومة الإسلام إذن أيها المسلمون ، ويا أبناء السنة ؟ [2] راجع تاريخ نجد لمحمود شكري الآلوسي ، وخلاصته الكلام في أمراء البلد الحرام ، للشيخ أحمد بن زيني وحلان ، وراجع كذلك كشف الارتياب في أتباع محمد بن عبد الوهاب .