واستدل الفقهاء على ذلك بما رواه ابن السني عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا انفلتت دابة أحدكم بأرض فلاة فلينادي يا عباد الله احبسوا فإن الله عبادا يجيبونه " ففيه نداء وطلب نفع : أي التسبب في ذلك من عباد الله الذين لم يشاهدهم ; وفي حديث آخر رواه الطبراني أنه صلى الله عليه وسلم قال " إذا أضل أحدكم شيئا أو أراد عونا ، وهو بأرض ليس فيها أنيس فليقل : يا عباد الله أعينوني ، وفي رواية أغيثوني فإن الله عبادا لا ترونهم " قال العلامة ابن حجر في حاشية [ إيضاح المناسك ] وهو مجرب كما قاله الراوي ، وروى أبو داود وغيره عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر فأقبل الليل قال " يا أرض ربي وربك الله ، أعوذ بالله من شرك وشر ما فيك وشر ما خلق فيك وشر ما يدب عليك ، أعوذ بالله من أسد وأسود ومن الحية والعقرب ومن شر ساكن البلد ووالد وما ولد " . وذكر الفقهاء في آداب السفر أنه يسن للمسافر الإتيان بهذا الدعاء عند إقبال الليل وفيه النداء والخطاب للجماد ; وروى الترمذي عن ابن عمر رضي الله عنهما والدارمي عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى الهلال قال " ربي وربك الله " ففيه خطاب للجماد . وصح أنه " لما توفي صلى الله عليه وسلم أقبل أبو بكر رضي الله عنه حين بلغه الخبر ، فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فكشف عن وجهه ; ثم أكب عليه فقبله ثم بكى وقال : بأبي أنت وأمي طبت حيا وميتا اذكرنا يا محمد عند ربك ولنكن من بالك " . وفي رواية للإمام أحمد " فقيل جهته ، ثم قال وا نبياه ، ثم قبله ثلاثا وقال وا صفياه ثم قبله ثلاثا وقال وا خليلاه " ففي ذلك نداء خطاب له صلى الله عليه وسلم بعد وفاته . ولما تحقق عمر رضي الله عنه وفاته صلى الله عليه وسلم بقول أبي بكر رضي الله عنه ، قال وهو يبكي " بأبي أنت وأمي يا رسول الله لقد كان لك جذع تخطب الناس عليه ، فلما كثروا واتخذت منبرا لتسمعهم حن الجذع لفراقك حتى جعلت يدك عليه فسكن فأمتك أولى بالحنين عليك حين فارقتهم ، بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، لقد بلغ من فضيلتك عند ربك أن جعل طاعتك طاعته ، فقال ( من يطع الرسول فقد أطاع الله ) بأبي أنت وأمي يا رسول الله لقد بلغ من فضيلتك عنده أن بعثك آخر الأنبياء وذكرك في أولهم ، فقال ( وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح ) الآية بأبي أنت وأمي يا رسول الله لقد بلغ من فضيلتك عنده أن أهل النار يودون أن يكونوا أطاعوك وهم بين أطباقها يعذبون يقولون :