يعتقد أحد منهم هذا الاعتقاد فكيف يجعلونهم مثل أولئك المشركين ، سبحانك هذا بهتان عظيم . وشبهة هؤلاء الخوارج في المنع من طلب الشفاعة منه صلى الله عليه وسلم أنهم يقولون إن الله تعالى قال في كتابه العزيز ( من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه ) وقال تعالى ( ولا يشفعون إلا لمن ارتضى ) فالطالب للشفاعة من أين يعلم حصول الإذن للنبي صلى الله عليه وسلم في أنه يشفع له حتى يطلب الشفاعة منه ، ومن أين يعلم أنه ممن ارتضى حتى يطلب الشفاعة منهم . واحتجاجهم هذا مردود بالأحاديث الصحيحة الصريحة في حصول الإذن له صلى الله عليه وسلم في أنه يشفع لمن قال بعد الأذان والإقامة : اللهم رب هذه الدعوة التامة إلى آخر الدعاء المشهور ولمن صلى على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة ، ولمن زار قبره صلى الله عليه وسلم بل جاءت أحاديث كثيرة صريحة في شفاعته صلى الله عليه وسلم لعصاة أمته كقوله صلى الله عليه وسلم " شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي فكل من مات مؤمنا فإنه يدخل في شفاعته صلى الله عليه وسلم ، فهي ثابتة لجميع المؤمنين ومأذون له صلى الله عليه وسلم فيها ، فالطالب للشفاعة كأنه يتوسل إلى الله تعالى بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى الله تعالى أن يحفظ عليه الإيمان حتى يتوفاه الله عليه ، فيشفع . فيه نبيه صلى الله عليه وسلم ، فلا حاجة إلى التطويل ببسط الدلائل في ذلك مع وضوح الأمر إلا لمن عميت بصيرته . وأما شبهتهم في المنع من النداء ، فقالوا : إن النداء والخطاب للجمادات والغائبين والأموات من الشرك الأكبر الذي يباح به الدم والمال ، ولا مستند لهم في ذلك بل الأحاديث الصحيحة الصريحة في بطلان قولهم هذا ، وزعموا أن النداء للأموات والغائبين والجمادات يسمى دعاء وأن الدعاء عبادة ، بل الدعاء مخ العبادة وحملوا كثيرا من الآيات القرآنية التي نزلت في المشركين على الموحدين ، وقد تقدم ذكر كثير من تلك الآيات ، وهذا كله منهم تلبيس في الدين وتضليل لأكثر الموحدين ، فإنه وإن كان النداء قد يسمى دعاء كما في قوله تعالى ( لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا ) لكن ليس كل نداء عبادة ، ولو كان كل نداء عبادة لشمل ذلك نداء الأحياء والأموات ، فيكون كل نداء ممنوعا مطلقا ، وليس الأمر كذلك ، وإنما النداء الذي يكون عبادة هو نداء من يعتقدون ألوهيته واستحقاقه العبادة فيرغبون إليه ويخضعون بين يديه ، فالذي يوقع في الإشراك هو اعتقاد ألوهية غير الله تعالى واعتقاد التأثير لغير الله تعالى . وأما مجرد النداء لمن لا يعتقدون ألوهيته ولا تأثيره فإنه ليس عبادة ، ولو كان لميت أو غائب أو جماد ، وذلك كله وارد في كثير