من الأحاديث الدالة على ذلك وعلى الإذن فيه ، ومثله سائر الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين ، وكذا الأولياء وعباد الله الصالحون لما فيهم من الطهارة القدسية ومحبة رب البرية وحيازة أعلى مراتب الطاعة واليقين والمعرفة لله رب العالمين ، وذلك كله سبب لكونهم من عباد الله المقربين فيقضي سبحانه وتعالى بالتوسل بهم حوائج المؤمنين . وينبغي أن يكون ذلك التوسل مع الأدب الكامل واجتناب الألفاظ الموهمة تأثير غير الله تعالى . ومن أدلة جواز التوسل قصة سواد بن قارب رضي الله عنه التي رواها الطبراني في الكبير ، وفيها أن سواد بن قارب أنشد رسول الله صلى الله عليه وسلم قصيدته التي فيها : فأشهد أن الله لا رب غيره * وأنك مأمون على كل غائب وأنك أدنى المرسلين وسيلة * إلى الله يا ابن الأكرمين الأطايب فمرنا بما يأتيك يا خير مرسل * وإن كان فيما فيه شيب الذوائب وكن لي شفيعا يوم لا ذو شفاعة * بمغن فتيلا عن سواد بن قارب فلم ينكر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله أدنى المرسلين وسيلة ولا قوله وكن لي شفيعا ، وكذا من أدلة التوسل مرثية صفية رضي الله عنها عمة النبي صلى الله عليه وسلم ، فإنها رثته بعد وفاته صلى الله عليه وسلم بأبيات قالت فيها : ألا يا رسول الله أنت رجاؤنا * وكنت بنا برا ولم تك جافيا ففيها النداء مع قولها : أنت رجاؤنا ، وسمع تلك المرثية الصحابة رضي الله عنهم ، ولم ينكر عليها أحد قولها : يا رسول الله أنت رجاؤنا . قال العلامة ابن حجر في كتابه المسمى [ بالخيرات الحسان في مناقب الإمام أبي حنيفة النعمان ] في الفصل الخامس والعشرين : إن الإمام الشافعي أيام هو ببغداد كان يتوسل بالإمام أبي حنيفة رضي الله عنه يجيئ إلى ضريحه يزوره فيسلم عليه ثم يتوسل إلى الله تعالى به في قضاء حاجاته . وقد ثبت توسل الإمام أحمد بالشافعي رضي الله عنهما حتى تعجب ابنه عبد الله ابن الإمام أحمد من ذلك ، فقال له الإمام أحمد إن الشافعي كالشمس للناس وكالعافية للبدن . ولما بلغ الإمام الشافعي أن أهل المغرب يتوسلون إلى الله تعالى بالإمام مالك لم ينكر عليهم ، وقال الإمام أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه : من كانت له إلى الله تعالى حاجة وأراد قضاءها فليتوسل إلى الله تعالى بالإمام الغزالي ، وذكر العلامة ابن حجر